ولافتتاحها خبر شهير. وقال أبو الحسن ابن جبير في رحلته يصف مدينة مسنة وأخبار ملوكها: هذه المدينة موسم تحار الكفار ومقصد جواري البحر من جميع الأقطار كثيرة الإرفاق برخاء الأسعار مظلمة بالكفر لا يقر فيها للمسلمين قرار أسواقها دافقة حفيلة وأرزاقها واسعة بأرغاد العيش كفيلة لا تزال بها ليلك ونهارك في أمان وإن كنت غريب الوجه واليد واللسان وذكر بعد مدينة مسينة المدينة المعروفة ببلارمة فقال فيها سكنى الحضر من المسلمين ولهم فيها المساجد والأسواق المختصة بهم والأرباض وسائر المسلمين بضياعها وجميع قراها ومدنها كسر قوسة وغيرها بهذه المدينة سكنى ملكها غليام وش أنه عجيب في حسن السيرة واستعمال المسلمين وهو كثير الثقة بهم وساكن إليهم في أحواله والمهم من أشغاله وزمنهم وزراؤه وحجابه وهم أهل دولته والمرتسمون بخاصته وعليهم يلوح رونق مملكته لأنهم في الملابس الفاخرة والمراكب الفارهة ولهذا الملك القصور المشيدة والبساتين الأنيقة وهو كثير الاتخاذ للقيان والجواري وليس في جميع ملوك الرومية أشرف منه في الملك ولا أنم ولا أرفع وهو يتشبه في تنعمه بالملك وترتيب قوانينه وتقسيم مراتب رجاله وتفخيم أبهته وإظهار زينته بملوك المسلمين.
وملكه عظيم جداً وله الأطباء والمنجمون وهو كثير الاعتناء بهم شديد الحرص عليهم. ومن عجيب شأنه أنه يقرأ ويكتب بالعربية وعلامته الحمد لله حق حمده وكانت علامة أبيه الحمد لله شكراً لأنعمه. وجواريه وحظاياه في قصره مسلمات كلهن. وذكر لنا أن الإفرنجية من النصرانيات تقع في قصره فتعود مسلمة يعيدها الجواري المسلمات. وذكر مدينة شيلفود فقال هي مدينة ساحلية كثيرة الخصب واسعة المرفق منتظمة الأشجار والأعناب مرتبة الأسواق يسكنها طائفة من المسلمين وذكر مدينة ثرمة فقال هي أحسن وضعاً من التي تقدم ذكرها وهي حصينة تركب البحر وتشرف عليه وللمسلمين فيها ربض كبير لهم فيها مساجد وهذه المدينة من الخصب واسع الرزق على غاية وذكر المدينة التي هي حاضرة صقلية فقال هي أم الحضارة والجامعة بين الحسنيين غضارة ونضارة فما شئت بها من جمال مخبر ومنظر وموارد عيش أخضر عتيقة أنيقة مشرقة مونقة تتطلع بمرأة فتان وتتخايل بين ساحات وبسائط كلها بستان فسيحة السكك والشوارع تروق الأبصار بحسن موضعها البارع عجيبة الشأن قرطبية البنيان قد زخرفت فيها لملكها دنياه تنتظم بلبتها قصوره انتظام