يديرون راحاً تفيض الكؤوس ... على ظلم الليل أنوارها
كأن لها من نسيج الحباب ... شباكاً تعقل طيارها
وراهبة أغلقت ديرها ... فكنا مع الليل زوارها
حدانا غليها شذا قهوة ... تذيع لأنفك أسرارها
فما فاز بالمسك إلا فتىً ... يتيم دارين أو دارها
كأن نوافجه عندها ... دنان مضمنة قارها
طرحت بميزانها درهمي ... فسيل من الكاس دينارها
خبنا بنات لها أربعاً ... ليفترعن اللهو أبكارها
من اللاء أعصار زهر النجوم ... تكاد تطاول أعمارها
تريك عرائسها أيدياً ... طوالاً تصافح أخصارها
تفرس في شمسها طيبها ... مجيد الفراسة واختارها
فتى دارس الخمر حتى درى ... عصير الخمور وأعصارها
يعد لما شئت من قهوة ... سنيها ويعرف خمارها
وعدنا إلى هالة أطلعت ... على قضب البان أقمارها
يرى ملك اللهو فيها الهموم ... تثور فيقتل ثوارها
وقد سكنت حركات الأسى ... قيان تحرك أوتارها
فهذي تعانق عوداً لها ... وتلك تقيل مزمارها
وراقصة لقطت رجلها ... حساب يد نقرت طارها
وقضب من الشمع مصفرة ... تريك من النار نوارها
كأن لها عنداً صفقت ... وقد وزن العدل أقطارها
تقل الدياجي على هامها ... فتهنك بالنور أستارها
كأنا نسلط آجالها ... عليها فتمحق أعمارها
ذكرت صقلية والأسى ... يهيج للنفس تذكارها
فإن كنت أخرجت من جنة ... فإني أحدث أخبارها
ولولا ملوحة ماء البكا ... حسبت دموعي أنهارا