من أنفع الكتب الاجتماعية والاقتصادية التي نشرت بالعربية هذه الآونة هذا الكتاب الذي وضعه مؤلفه من مهاجرة السوريين في أميركا الشمالية لفائدة المهاجر السوري إلى أرض خريستوف كولمبس فقد بحث بثاً مستوفي فيما ينبغي للمهاجر عمله حتى ينجح بدأه بلمحة من تاريخ مهاجرة السوريين ونشوئها ومؤسسيها وعدد السوريين في الولايات المتحدة وأعمالهم وقد قال في ذلك أن الأحوال قد تحولت في الشئون وتبدلت وأميركا اليوم غير ما كانت عليه منذ خمس عشرة سنة وذلك ليكون المتخلفون في الوطن على ببصيرة وانتباه ولاسيما أن السياسة قد بشرت بالترقي والتحسن والحرية بالتقوى وسورية غنية بمناجمها وآكامها وريافها ومائها وهوائها ولا ينقصها إلا بذل الأموال عليها وتوجيه العزائم إليها حتى يفيض منها اللبن والعسل.
وذكر أن الهجرة لا ترجع إلى أبعد من خمسين عاماً كان الباعث عليها اختلال المجاري الاقتصادية في السلطنة العثمانية. وقد أنكرنا عليه قوله أن الصواعق في عهد الحكومة الحميدية كانت تقع على رؤوس نصارى الشرق دون سواهم وعلى فلوسهم يعيش الجاسوس والمنافق لما ثبت لدى العارفين أن المسيحيين إن لم يكونوا سواء وإخوانهم المسلمين في المعاملة فقد كانت حقوقهم مرعية أكثر وقولنا في مسيحيي سورية لا في غيرها خصوصاً وأن أكثر المهاجرين من لبنان ولبنان باستقلال إدارته كان أكثر دعة من غيره من الولايات.
وقال أنه هاجر إلى الولايات المتحدة فقط من سنة ١٩٠٥ إلى ١٩٠٨ خمسة آلاف نسمة وكلما نجح أفراد زادت الهجرة وفي الولايات المتحدة من السوريين الآن عدد يبلغ الثلثمائة ألف إذا حسبنا تكاثرهم على سبيل التوالد.
وقد تكلم المؤلف بحرية فقال أن البعض من المتجولين على تقدير أنهم في بلاد غربة وعلى رغم أن لا رقابة عليهم ولا معاينة خلعوا عنهم تبعة الاستقامة والصدق والأمانة جارين بذلك على أنفسهم نقمة الوطنيين ولعنة المواطنين.
وأجاد في كلامه على المرأة السورية المهاجرة وأشار إلى ما تتعرض له من الهوان وثلم الشرف بإتجارها وأشار بأن تعفى من هذه المذلة فالمال لا يكون شريفاً تحصيله من هذا