غير زيد وزيد خارج من جملتهم ولك دليل أنه لو سأل سائل فقال من أخوة زيد لم يجز أن تقول زيد وعمرو وبكر وخالد وإنما تقول عمرو وخالد ولا يدخل زيد في جملتهم فإذا كان زيد خارجاً عن أخوته صار غيرهم فلم تجز زيداً غير أخوته فإذا قلت زيد أفضل الأخوة ألا ترى أنه لو قيل من الأخوة عددته فيهم فقلت زيد وعمرو وبكر وخالد فيكون بمنزلة قولك حمارك أفره الحمير فلما كان على ما وصفناه جاز أن يضاف إلى واحد منكور يدل على الجنس كما دل الرجال وكما في عشرين درهماً مائة درهم. فقال ابن الفرات: ما بعد هذا البيان مزيد ولقد جل علم النحو عندي بهذا الاعتبار وهذا الانقياد. فقال أبو سعيد: معاني النحو منقسمة بين حركات اللفظ وسكناته وبين وضع الحروف في مواضعها المقتضية لها وبين تأليف الكلام بالتقديم والتأخير وتوخي الصواب في ذلك وتجنب الخطأ من ذلك وإن زاغ شيءٌ عن النعت فإنه لا يخلو من أن يكون سائغاً بالاستعمال النادر والتأويل البعيد أو مردوداً لخروجه عن عادة القوم الجارية على فطرتهم فأما ما يتعلق باختلاف لغات القبائل فذلك شيءٌ مسلم لهم ومأخوذ عليهم وكل ذلك محصور بالتتبع والرواية والسماع والقياس المطرد على الأصل المعروف من غير تحريف وإنما دخل العجب على المنطقيين لظنهم أن المعاني لا تعرف ولا تستوضح إلا بطريقتهم ونظرهم وتكلفهم فترجموا لغة هم فيها ضعفاء ناقصون بترجمة أخرى هم فيها ضعفاء ناقصون وجعلوا تلك الترجمة صناعة وادعوا على النحويين أنهم مع اللفظ لا مع المعنى. ثم اقبل أبو سعيد على متى فقال: ألا تعلم يا أبا البشر أن الكلام اسم وقع على أشياء قد ائتلفت بمراتب مثال ذلك أنك تقول هذا ثوب والثوب يقع على أشياء بها صار ثوباً ثم به نسج بعد أن غزله فسداته لا تكفي دون لحمته ولحمته لا تكفي وزن سداته ثم تأليفه كنسجه وبلاغته كقصارته ودقة سلكه كرق لفظه وغلظ غزله ككثافة حروفه ومجموع هذا كله ثوب ولكن يعد تقدمة كل ما يحتاج إليه. قال ابن الفرات: سله يا أبا سعيد عن مسوألة أخرى فان هذا كلما توالي عليه بأن انقطاعه وانخفض ارتفاعه في المنطق الذي ينصره والحق الذي لا ينصره. قال أبو سعيد: ما تقول في رجل قال لهذا عليّ درهم غير قيراط. قال متى: مالي علم بهذا النمط. قال: لست نازعاً عنك حتى يصح عند الحاضرين أنك صاحب مخرقة وزرق ها هنا ما هو أخف من هذا قال رجل لصاحبه: بكم الثوبان المصبوغان وقال آخر: