للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوالي ما أنسى أهل دمشق ما كانوا فيه من الضنك والشدة قبل قدوم هذا الجند إليهم. . . وأعقب مجيء هذا الوالي إلى دمشق في دمشق ضيق وشدائد وشرور وظلم وجور وعسف وتعد واحتقار لأهل دمشق من شدة فظاظتهم وغلظتهم وكان فيهم من النصارى والرافضة ما لا يحصى عدده وختم ذلك بزلزال في دمشق ونواحيها ورجفات زعزعت الجبال وردمت الدور في غالب الأماكن وهدمت كثيراً من المساجد والمعابد والمنارات وعند كتابتي لهذا المحل كانت مكثت في دمشق خمسة وأربعين يوماً وقتل إذ ذاك تحت الردم خلق كثير وخرج غالب الناس من منازلهم وتركوها خالية وتوطنوا البساتين والجبانات. وقال في مكان آخر: قد تقدم في هذا الديوان ذكر بعض ما وقع في دمشق من الفتن والمحن والشرور والغلاء والظلم وغير ذلك مما مر وتقدم وكل ذلك قبل تاريخ سنة ألف ومائة وسبعين وها أنا أذكر ما وقع واتفق لدمشق وأهلها في سنة سبعين وما بعدها من العظائم والحوب والأزمات والزلازل والرجفات وما تأتى من ذلك من خراب الدور والمنارات والجوامع وما كان في تلك الأيام من ظلم وجور وعسف إلى أن تداخلت الدواهي والبلايا بعضها في إثر بعض حتى كان آخر ذلك الطاعون الذي أنسى ما كان قبله مما يفسد الأديان ويهلك الأبدان ويشيب الولدان.

وهنا أورد المؤلف أرجوزة مطولة في وصف تلك المحن قال فيها:

لما تقضت عشرة ... من صومنا محررة

قامت طغاة فجرة ... في شامنا المطهرة

وأضرموا نار الفتن ... وأظهروا خافي الإحن

وأوقعونا في محن ... وكدروا منا الفطن

ومذ رأيت الفتنا ... ثارت وقامت علنا

وكل مكروه أنا ... وكل سوء وعنا

ناديت رباً ذا منن ... بعد الفروض والسنن

وجنح ليل قد سكن ... وفيه قد فر الوسن

وقلت قول الملتجي ... وطالب للفرج

وهارب من حرج ... يا من إليه ألتجي