يأتوا وينظروا في الأمتعة فمن وجد شيئاً من متاعه أخذه ففعلوا ذلك فما حصلوا على عشر معشار ما انتهب من متاعهم وأموالهم وأطفأ الله تعالى نار الفتنة ثم أخذ النصارى والأعاجم الذين هم من جند هذا الوزير يتحكمون في أهل دمشق بالسلب والاستحلال والشتم والقذف والضرب والقتل حتى أشاعوا الفواحش وتجاهروا بالزنا وشرب الخمر وحتى تعدوا إلى أن يخرجوا أهل المنزل من منزلهم ويسكنون فيه وكان الإنسان في تلك الأزمان لا يأمن على نفسه إذا خرج من منزله بعد المغرب ومتى خرج أصيب بنفسه أو ماله. وهذا الذي ذكرته هنا هو الذي أشرت إليه في الأرجوزة المتقدمة من الشكاية مما وقع في دمشق من الرزايا سنة إحدى وسبعين بسبب ما وقع من طائفة القول والينكشارية من الفساد والإفساد ثم بسبب ما وقع بعده من طائفتي النصارى والأعاجم الذين هم من جند الوزير المذكور سلط الله تعالى الزلازل والرجفات فوقع الردم في المنازل والجوامع والمنارات ومات تحت الردم خلق كثير وقبل أن تسكن تلك الرجفات والزلازل أرسل الله عز وجل الطاعون فأخلى البيوت وفرق الجموع وشتت الشمل وكدر العيش.
وقال بعد أن مدح عام اثنين وسبعين ومئة وألف: وقد كان أهل دمشق في غاية الوجل ونهاية الفرق والقلق من جهة الحاج من شر الأعراب الأشقياء قياساً على ما وقع منهم من الشر في العام الذي قبل هذا العام وكان الوجل الواقع من أهل دمشق في محله٩ حيث أن العرب بالغوا في التعدي وفجروا واعتادوا سلب الأموال وتكدير الأحوال ولكن الله يؤيد بنصره من يشاء فإن أمير الحاج الذي هو عبد الله باشا المذكور ووقع بينه وبن الأعراب حرب شر من أجل مال الصر المرصود للعرب من جهة السلطان فتوعده باشر فاحتال عليهم وقتل أمراءهم وفر الأذناب منهم ومضى الأمير والحاج سالمين غانمين ولما رجع الأمير بالحاج رجع على طريق آخر بعد أن تجمعت العربان بين الحرمين بقصد المعارضة للحاج فخيب الله آمالهم ولطف سبحانه وتعالى بعباده المؤمنين وسلمهم من غوائل الأشقياء المجرمين وبلغنا ذلك كله بعد هلة عام اثنين وسبعين بأيام فلأجل ذلك خصصت هذا العام بالمدح أيضاً فقد كان الناس قبل هلته يشكون من قلة الغيث فلما استهل أغاث الله عز وجل العباد وأحيا البلاد وإلا فإن الدواهي الواقعة فيه وفي أيامه بدمشق وقراها لم يسمع مثلها بفساد الجند وإفساد العساكر وظلم رئيسهم وجور حواشيه وعسفهم.