يخدرون حواسهم بالمورفين تسكيناً للآلام والأوصاب هم أهل العقول الكبيرة وربما كانوا ممن يعجب الناس بمواهبهم العلمية. وثلث المصابين به من الأطباء. وفيهم قادة الجيوش ورجال السياسة. وقد أقيمت مستشفيات في إنكلترا وألمانيا وفرنسا (وأميركا) ليقلع الداخلون إليها عن عادة استعمال هذا المخدر بالوسائط العلمية والعملية.
ومن مفسدات الجنس البشري في هذا القرن التسمم بالكحول فقد زاد صرف المشروبات الروحية في النصف الأخير منه حتى قدر أحدهم خمسة من المائة يموتون في مستشفيات باريس من فعل الكحول. وأوربا سواء في استعمال الخمور اللهم إلا الأقاليم الشمالية الباردة والرطبة منها مثل روسيا والسويد ونروج وبلجيكا فإن شرب الكحول مألوف فيها كل الألفة ويفرط السكان في تناوله وخصوصاً طبقات العملة منهم. فقد أصاب الفرد في فرنسا سنة ١٨٧٦ أربعة ليترات من الكحول في السنة وأصاب الفرد في ألمانيا خمسة وفي إنكلترا ستة وفي روسيا عشرة إلى اثنتي عشر إلى عشرين لتراً بحسب الولايات والصناعات. ولم يجد فرنسا إكثارها من وضع الضرائب على الكحول إذ لم ينقص شاربوه.
والتسمم بالمسكرات أخف وطأة في البلاد التي تجود فيها الكروم مثل إسبانيا وإيطاليا والبرتغال وجنوبي فرنسا وقلما يصيب الفرد فيها غير لتر واحد أو لترين في السنة. واختلفت بلاد الغرب في وضع قوانين لبيع المشروبات فاكتفى بعضها بالاحتكار وبعضها بضرب الضرائب الفاحشة. ونشأت فيها عدة جمعيات تحض الناس على الامتناع عن المسكرات. وهذه الجمعيات تعظم فائدتها كلما كثرت في كل صقع وناد وساعدتها الإرادة الشخصية. وقد زاد عددها في إنكلترا ونورمنديا وسويسرا والسويد يعرف القائمون بأعبائها بني قومهم بمضار الكحول الطبيعية والأدبية والعقلية. وأن الحكومات لتحسن صنعاً إذا أرادت معلمي المدارس على أن يقرئوا الأطفال شيئاً في قواعد الصحة ويدلوهم على ما تحدثه الكحول من سوء الأثر في الجسم وما ينتج الامتناع عنها من سعادة المرء والأسرة.