قالت مجلة التربية ونشأت هذه الفكرة في برلين لأن هذه المدينة القديمة ضيقة النطاق فاسدة الهواء لما فيها من تراكم الأنفاس حتى أن خمسة عشر ألف نسمة من أهلها يعيشون في أقبية تكون دافئة في الشتاء ورطبة بعض الشيء في الصيف فمدينة شارلوتنبرغ الملاصقة لبرلين هي التي منها نشأت هذه الفكرة لأن أبناءها كانوا بضعفهم الناشئ من رداءة هوائهم لا يستطيعون أن يسيرون مع أقرانهم عَلَى حين أن مدينتهم هي أم التعليم وفيها أعظم كلية صناعية فلم يستطيعوا أن يجاروا أقرانهم فرأى أحباب الإنسانية هناك أن يتنقلوا أولئك الأولاد إلى مدارس في الغابات تكون لهم بمثابة مصاح أو مصيف عَلَى سواحل البحار فإذا قويت أجسامهم يقوى ذكاؤهم والعقل السليم بالجسم السليم.
رأوا أن أبناء هذه المدينة اضعف من غيرهم بذكائهم وما سبب ذلك إلا ضيق حاراتهم وفساد أهويتهم وأن الأولى نقلهم من المدن إلى الفلاة وها قد أصبحوا الآن يبعثون بالأولاد ممن ليسوا مرضى حقيقة وهم مصابون بالهزال أو ضعف الرئتين والقلب أو ظهرت عليهم أعراض داءِ الخنازير أو غيره من مفسدات الدم_يبعثون بهم إلى مدرسة الغابات بدلاً من أن يذهبوا إلى المدارس الخاصة بالتلامذة المتأخرين فالمدارس الجديدة ليست للمرضى الذين يعدي بعضهم بعضاً ومعاملتهم من أقسى ما يكون من الشدة بل هي مدارس المرشحين للسل وغيرها من الأمراض كما يقول الأطباء فتداوي فيها صحتهم وينقذون مما يتهددهم بدون أن يحولوا بينهم وبين دروسهم أو يضيعوا عليهم سنة كاملة.
قام الشارعون بهذا العمل وهم يتخوفون الفشل والناس في ألمانيا لا ينظرون في الأعمال الجديدة إلا إلى ثمراتها الأولية وساعدهم البنك الألماني في مشروعهم بأن ابتاع لهم أرضاً وأعطاهم إياها بلا ربا والأرض واقعة في غابة عَلَى بضعة كيلومترات من شارلوتنبرغ يسير بينها وبين الغابة ترمواي كهربائي يصل بين المدينة وأول الغابة في عشرين دقيقة ثم يسير الإنسان من المحطة إلى المدرسة عشرين دقيقة عَلَى قدمه وسط الغابة وهواؤها عليل أكثر من المدينة وصاف للغاية.
ومن أهم ما فيها انبعاث رائحة القطران والصمغ من الصنوبر والرتينج وليس في هذه المدرسة أكثر من مئة طفل وطفلة جعلوهم في أكواخ من خشب سدوها من الداخل بقماش