تكونوا لئلا يلتوي عليكم الأمر في سياستنا التي تحتاجون معها إلى توحيد القوى العقلية. وبعد هذا نرجوكم أن تفهموا الفلاح والصانع والتاجر والواعظ والكاتب وغيرهم أن يحترف كل منهم حرفته العالمية مجردة عن كل صبغة دينية. وإذا جاءكم طلاب الوظائف وأرباب الدعاوي واحتلموهم إلى المراكز الدنيوية وبثثتم فيهم روح الدين الصحيح القاضي باعتبار جميع الناس إخواناً في الدنيا. وإذا جاهرتم بمبدأ الإخاء من على المنابر. وإذا نزعتم من قلوب الشعب أشواك الجهل الديني_وهو التعصب الذميم. وإذا أعطيتمونا قدوة نتبعها في هذا السبيل. فإنكم إذا فعلتم جميع ذلك تخدمون الدين والإنسانية معاً وحينئذ تروننا نزيد مقامكم رفعة ونجل جميعاً رئاستكم شاكرين لأنكم بذلك تسكتون السنة المتذمرين.
هذه الطريقة المثلى لفصل الدين عن الدنيا ولتعزيز المراكز الدينية العليا لأن بها يستوفي العمران نصيبه ويحافظ الدين على حقه.
فمن لنا من سادتنا الروحيين بمن يبدأ بالمجاهرة بهذا التساهل وهذا التسامح فنسطرها له باكورة للإصلاح الديني في القرن العشرين.
دنيانا_علينا في دنيانا واجبات كثيرة لا بد من قضائها من التعاون والتعاضد بقطع النظر عن الدين. هو ذا البلاد في حاجة إلى الشركات الوطنية وتوحيد الكلمة القومية في الدفاع عن الوطن وفي تعميره بما حسن من الحضارة الحديثة. فمن يقوم بهذه الأعمال ومتى يتم لنا النجاح إذا بقي الدين حاجزاً بين أبناء المذاهب المتفرقة. أو كيف يمكن أن ننهض معاً ونحن ينظر بعضنا إلى بعض شرراً كنظر القريب إلى الغريب المعتدي. أن نكذب على أنفسنا وعلى الله بقولنا أن الدستور قد وحد فينا المبادئ القومية وما قومنا للآن إلا المذاهب متجسمة والضغائن كامنة تكاد أن تظهر من تحت الرماد في كل ملة ومذهب.
هذه هي الحقيقة وأدلتها تحيط بها إحاطة الهالة بالقمر. والحقيقة أولى أن تقال لئلا يذهب بنا الوهم إلى الاعتقاد بأننا قد صرنا كما أظهرنا في بدء حياتنا الدستورية.
أجل إن فينا العدد العظيم ممن يريدون الإخاء وينادون به بألسنتهم جرائدهم وأعمالهم ولكن لا يزال في البلاد كثيرون من نصراء الدور السابق ممن يلقون الشقاق في كل ملة ويثنون الناس عن سيرهم في دنياهم متآخين.