منذ صغره بالطليانية والفرنسية وكان يحسنهما ولاسيما الطليانية لأن طول مقامه في إيطاليا حبب إليه لغتها وفنونها فشغف بها. ولما ترعرع كيتي أحكم هاتين اللغتين مع لغته وظهرت عليه إمارات الميل إلى الشعر كما عرف بحب النقد والولوع بالعلوم فمال بادئ بدء وهو في الحادية عشرة إلى شعر راسين من شعراء الفرنسيين ثم أنشأ يرتاح إلى شعراء الرومان واليونان. وفي سنة ١٧٦٣ دخل مدرسة الحقوق في ليبزيك وكان يأوي إلى دار عجوز لها فتاة فشغفته حباً فنظم فيها رواية هزلية واعتاد مذ ذاك العهد على نحو ما قال عن نفسه أن يصيغ في قوالب الشعر كل ما كان في الواقع يوليه فرحاً أو ألماً ويروض العقل ويربي النفس وعاد إلى بيت أبيه من المدرسة سنة ١٧٦٨ بعد أن فارقه ثلاث سنين وقد أيقن أن الآداب الألمانية ضعيفة متأخرة ثم رجع بعد مرض اعتراه إلى ستراسبورغ سنة ١٧٧٠ وأقام فيها حولاً كاملاً كان نافعاً له في تهذيب عقله وتخطيط خطة يجري عليها في حياته. قالت الدائرة تعلم كيتي في ليبزيك ما ينبغي اجتنابه وعرف في ستراسبورغ ما ينبغي عمله. وفي سنة ١٧٧١ أتم دروس الحقوق. وكان في خلال الدراسة يضرب في فنون الشعر ويهيم في أوديته وشجونه.
وبينما كان شاعرنا ينشر طرف أقواله أو يعدها للنشر كان يتقرب من كبار رجال عصره ويستميل قلوبهم إليه ويحرص على عقد الصلات الأدبية معهم فطاف كثيراً من بلاد ألمانيا وسويسرا وإيطاليا وتعرف إلى رجالها وفلاسفتها وعظمائها ثم تولى منصباً سياسياً في الحكومة. ولم تكن مشاغله لتحول دون أعماله العلمية. فكنت إذا رأيته حسبته منقطعاً عن كل عمل ليس لقلمه في ميدان التأليف جولة وأن المتاعب العالمية صرفته عن وجهته العلمية على حين كان عقله يفكر ولسانه يحبر ويعبر.
ولقد ثبت أن وظيفته ما كانت إلا باعثة له على الاستزادة من المعارف. ولو كان يريد أن ينحو منحى قدماء الشعراء لانقطع في غرفته واعتزل الناس ومخالطتهم ولكن كان يطمح إلى أن يجمع في شعره مثال القدماء إلى ما يتأثر به ويتعرف به بذاته من أحوال المجتمع.
وفي سنة ١٧٨٨ تزوج الشاعر بفتاة اسمها كرستيان فولبيوس شقيقة أحد الكتاب فنظم في التقائه معها قصيدة من الشعر قال فيها ما ترجمته:
كنت أتنزه في الغابة سائراً في طريقي ولا شيء يعنيني ولا فكر ينازعني