ثم اشهدوا عليه أنه تاب مما ينافي ذلك مختاراً وذلك في خامس وعشرين ربيع الأول سنة سبع وسبعمائة وشهد عليه بذلك جمع جم من العلماء وغيرهم وسكن الحال وأفرج عنه وسكن القاهرة.
ثم اجتمع جمع من الصوفية عند تاج الدين ابن عطاء فطلعوا في العشر الأوسط من شوال إلى القلعة وشكوا ابن تيمية أنه يتكلم في حق مشايخ الطريق وأنه قال لا يستغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم فاقتضى الحال أن أمر بالمسير إلى الشام فتوجه على خيل البريد وكل ذلك والقاضي زيد الدين ابن مخلوف مشتغل بنفسه بالمرض وقد اشرف على الموت وقد بلغه سفر ابتن تيمية فراسل النائب فرده من بلبيس وادعى عليه عند ابن جماعة وشهد عليه شرف الدين ابن الصابوني وقيل ابن علاء الدين القونوي أيضاً شهد عليه فاعتقل بسجن حارة الديلم في ثامن عشر شوال إلى سلخ صفر سنة تسع وسبعين فنقل عنه أن جماعة يترددون إليه وأنه يتكلم في نحو ما تقدم فأمر بنقله إلى الإسكندرية فنقل إليها في سلخ صفر وكان سفره صحبة أمير مقدم لمك يمكن أحداً من جهته من السفر معه وحبس برج شرقي ثم توجه إليه بعض أصحابه فلم يمنعوا منه فتوجهت طائفة منهم بعد طائفة وكان موضعه فسيحاً فصار الناس يدخلون إليه ويقرأون عليه ويبحثون معه. قرأت ذلك في تاريخ البرزالي فلم يزل إلى أن عاد الناصر إلى السلطنة فشفع فيه عنده فأمر المالكي فاشترط المالكي أن لا يعود فقال له السلطان: قد تاب. وسكن بالقاهرة وتردد الناس إليه إلى أن توجه صحبة الناصر إلى الشام بنية الغزاة في سنة ١٢ وذلك في شوال فوصل دمشق في مستهل ذي القعدة فكانت مدة غيبته عنها أكثر من سبع سنين وتلقاه جمع كثير فرحاً بمقدمه وكانت والدته إذ ذاك في قيد الحياة.
ثم قاموا عليه في شهر رمضان سنة ١٩ بسبب مسالة الطلاق وأكد عليه المنع من الفتيا ثم عقد له مجلس آخر في رجب ثم حبس بالقلعة ثم أخرج في عاشوراء سنة إحدى وعشرين ثم قاموا عليه مرة أخرى في شعبان سنة ٢٦ بسبب مسألة الزيارة واعتقل بالقلعة فلم يزل بها إلى أن مات في ليلة الاثنين العشرين من ذي القعدة سنة ٨٢٧.