ورده على من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم واستغاث فاشخص من دمشق في رمضان سنة خمس (بعد السبعمائة) فجرى عليه ما جرى وحبس مراراً فأقام على ذلك نحو أربع سنين أو أكثر وهو مع ذلك يشتغل ويفتي إلى أن اتفق أن الشيخ نصراً قام على الشيخ كريم الدين الأيلي شيخ خانقاه سعيد السعداء فأخرجه من الخانقاه وعلى شمس الدين الحريري فأخرجه من تدريس الشريفية فيقال أن الأيلي دخل الخلوة بمصر أربعين يوماً فلم يخرج حتى زالت دولة بيبرس وخمل ذكر نصر وأطلق ابن تيمية إلى الشام.
وافترق الناس فيه شيعاً فمنهم من نسبه إلى التجسيم لما ذكر في العقيدة الحموية والواسطية وغيرهما من ذلك كقوله أن اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقية لله وأنه مستوي على العرش بذاته فقيل له يلزم من ذلك التحيز والانقسام فقال أن لا أسلم أن التحيز والانقسام منة خواص الأجسام فألزم بأنه يقول ثبت (؟) التحيز في ذات الله تعالى.
ومنهم من ينسبه إلى الزندقة لقوله أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يستغاث له وأن في ذلك تنقيصاً ومنعاً من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان اشد الناس عليه في ذلك النور البكري فإنه لما عقد له المجلس بسبب ذلك قال بعض المحاضرين: يغزز فقال البكري لا معنى لهذا القول فإنه إن كان تنقيصاً يقتل وإن لم يكن لا يعزز.
ومنهم من ينسبه إلى النفاق لقوله في علي ما تقدم ولقوله أنه كان مخذولاً حيث ما توجه وأنه حاول الخلافة مراراً فلم ينلها وإنما قاتل للرياسة لا للديانة ولقوله أنه كان يحب الرياسة وأن عثمان كان يحب المال ولقوله أبو بكر أسلم شيخاً لا يدري ما يقول وعلي اسلم صبياً والصبي لا يصح إسلامه على قول ولكلامه في قصة خطبة ابنة أبي جهل وما فيها من الثناء على. . . وقصة أبي العاص بن الربيع وما يوجد من مفهومها فإنه مشنع في ذلك فألزموه بالنفاق لقوله صلى الله عليه وسلم ولا يبغضك إلا منافق.
ونسبه قوم إلى أنه يسعى في الإمامة الكبرى فإنه كان يلهج بذكر ابن تومرت ويطريه فكان ذلك مؤكداً لطول سجنه وله وقائع شهيرة وكان إذا حوقق وألزم يقول لم أرد هذا إنما أردت كذا فيذكر احتمالاً بعيداً قال: وكان من أذكياء العالم وله في ذلك أمور عظيمة منها أن محمد بن أبي بكر السكاكيني عمل أبياتاً على لسان ذمي في إنكار القدر وأولها: