سنة ١١٢٤ ولم يظفر الروس في هذه الوقعة بالعثمانيين إلا أن وزارتي لندرا والهاي كوانتا تعضدانه على العثمانية وبولونيا والسويد وبمسعاهما أوقفت الدولة العلية الحروب ووقعت في أدرنة يوم ١٣ حزيران ١٧١٣ على معاهدة صلح إلى خمس وعشرين سنة ولم تراع فيها مصالح الدولة العلية وعادت روسيا فعقدت معاهدة أخرى مع الدولة العلية سنة ١٧٢٠ من مقتضاها أنه يحق لها التدخل في شؤون بولونيا.
توفي السلطان أحمد الثالث سنة ١١٤٩ هـ وخلفه السلطان محمود الأول فحارب الفرس واضطر إلى التخلي عن تبريز وفي سنة ١١٤٩ وقع الفرس والعثمانيون على هدنة للتفرغ الدولة العثمانية لمقاومة اعتداء روسيا والنمسا. وأزمعت روسيا أن تجتاز بجيوشها بلاد بولونيا لتداهم الأرض العثمانية فاغتاظ لذلك السلطان محمود لأنه مخالف للعهد الموقع عليها ولم يسمع الروس لاحتجاج العثمانية فحاصروا مدينة أزوف واضطرت الحكومة العثمانية أن تسوق جيشاً في ٦ صفر ١١٤٩ هـ (١٧٣٦) وكانت قد سقطت المدينة قبل أن ينجدها الجيش العثماني واستولت روسيا على أوتشاكوف وكنبورن وعلى كوزلوف وبغجة وسراي وآق مسجد من بلاد القريم وأتى الروس من الفظائع في هذه الوقائع ما سطره لهم التاريخ بأحرف من نار حتى كتب المسيو كاستلنو في تاريخه الذي قدمه إلى القيصر اسكندر الأول بشأن هذه الوقائع ما تعريبه: إن الحملة لم تولي روسيا شرفاً فإن بلاد القريم أخرقت ودمرت وربما كان مثل هذا العمل يغتفر على عهد البربر لما فطروا عليه من الجهل ولكن إحراق المدن في القرن الثامن عشر وتخريب أهم المصانع والآثار وتدمير المعابد وإبادة المدارس العامة وإدخال الظلام على العقول بإحراق خزائن كتب الأمة التي تريد الانتفاع بها في إنارة أفكارها وإلقاء الشيوخ والنساء والأولاد طعمة للنيران لا يقصد منه الحرب بل إهلاك شعب عن بكرة أبيه.
وتحالفت روسيا والنمسا محالفة دفاعية هجومية واحتالت الثانية لعقد مؤتمر مؤلف من مندوبها ومندوبي روسيا والدولة العثمانية فرأى الروس بموجب المعاهدة المبرمة أنم تلغى جميع المحالفات التي كانت أبرمت بين الدولة العلية وإمبراطورية روسيا وأن تسلم إلى هذه بلاد القريم وكوبان وجميع البلاد التي نزلها التتار ويغترف لمولدافيا وفلاخيا بأنهما إمارتان مستقلتان تحت رعاية روسيا ويعترف بأن ملوك الروس هم قياصرة وأن تدخل