فتعجب من سعة دائرته وكثرة اطلاعه ثم قال له أنا والله ما عرفتك إلا الآن قال فقلت له والى الآن ما عرفتني وطال الجواب بينهما على هذا المنوال حتى ألف ذلك مجلداً فمن ذلك ما كتب به البرهان:
ابن عربشاه كف عني ... أو لا فخذ ما يجيك مني
واعلم بأني خصم ألد ... الشر دابي والمكر فني
خلفي رجال لهم مجال ... في الحرب لا يخلفون ظني
إلى آخرها ومن جملة المراسلات أن البرهان أرسل عليه بعشرة أبيات التزم فيها الباء والياء واستوفى ما في الصحاح أولها:
إن الذميم وأنت يا ... هذا ابن عين الخبير كذا
واستوفى القوافي وظن أني لم أجد قافية فأجبته وآخر الأمر توجه عبد الحميد إلى مص ر وشكاهما إلى السلطان وقال لبه البرهان هجاني فلم يرد عليه إلا بقوله يكتب له من اليوم بكفه عن هجائه فلما خرج قال السلطان للشمس الكاتب أن الباعوني رجل جيد لولا أنه عرف منه شيءٌ ما قاله وألغز إليه أبو اللطف الحصكفي فأجابه بعد أن أجاب شعر القاهرة (؟) بغير المراد ثم ألغز هو إليه وأجابه بما لم أطل بإيراده هنا وشعره كثير جداً وتصنيفه الماضي فاكهة الخلفا ومفاكهة الظرفا في مجلد ضخم فيه عجائب وغرائب على لسان الحيوانات من أواخر ما ألف.
ولما دخل مصر بعد الخمسين في الطاعون وجد غالب من ببيت الكمال ابن البزازي مات كزوجته وأخته فرثاهم بقصيدة طنانة على عدة قوافي وأظهر في مخالصها من كل قافية إلى الأخرى قوة كعجيبة وملكة للنظم لا ينهض غيره بشق غبارها من قافية اللام إلى قافية الألف إلى الهاء إلى غيرها تزيد عل سبعين بيتاً أولها:
إلى مَ يردى بالكمال ... ويودي بالردى أهل الكمال اه.