القرن الذي كثرت فيه الثّورات والنهضات وظهرت الاختراعات والاكتشافات ألا يوجد في أعظم مدينة في البلاد العربيّة_في مدينة من أعرق مدن الدنيا بقدمها_في بقعة من أفضل بقاع المعمورة بأرضها وسمائها وإقليمها وخيراتها_في دمشق أكثر من خمس أو ست جرائد تستحق أن تسمّى جرائد؟
كثرة قرّائهم وقلّة قرّائنا
عدد سكان ولاية نفادا في أمريكا يقل عن سكان صالحيّة الشام على ما أرجح ولا يزيد كثيرا عن سكان حي نصارى دمشق ولأولئك ٣٥ جريدة وللدمشقيين البالغين ثلاثمائة ألف نفس ونيف خمس أو ست جرائد أو لكل ستين ألفا منهم جريدة وقراء الصحف منهم لا يزيدون عن خمسة بالألف على ما أقدّر وأظن أن تقديري هذا في محله. فالطامة الكبرى ليست فقط بقلة جرائد دمشق بل بقلّة عدد مشتركيها. فلجريدة حقيرة في الجمهورية الأمريكية العظمى مشتركون وقارئون أكثر من أكبر وأقدر وأشهر جريدة في دمشق
مكانة المقتبس من جريدة أميركية كبرى تطبع ستين ألف نسخة يوميّا هذا المقتبس على شهرته الواسعة ومقدرة صاحبه المشهورة بين الناطقين بالضاد في مشرق الأرض ومغربها وبين الكثيرين من الأميركيين في غربي الولايات يقال أنه لا يطبع يوميا أكثر من ثلاثة آلاف نسخة يوزع منها ألفين وخمسمائة نسخة على المشتركين والقارئين وخمسمائة نسخة على رصفائه ومكاتبيه في الجهات في حين أن مكانة المقتبس المعنوية لا تنقص مكانة عن مكانة صحيفة أميركية كبرى تطبع يوميا ستين ألف نسخة كبيرة.
مقابلة وانتقاد
في عاصمة نبراسكا البالغ عدد سكانها ٦٥ ألفا عدة جرائد ومجلات ناجحة منها جريدتان عظيمتان سبق ذكرهما تشغل كل منهما بناية عظيمة ومعدل ما تبعه إحداهما يوميا خمسون ألف نسخة وما تطبعه الأخرى أربعون ألف نسخة وبكل حريّة أقول معنويات تينك الجريدتين الخطيرتين لا تفوق معنويات المقتبس وإنما تفوق بما لا يقاس بكثرة القارئين والمشتركين وتعدد الصفحات وكبر الحجم وبشيء معنوي هو أنك تقرأ عنوانا لكل كتابة أو خبر في تينك الجريدتين تفهم منه ما يرمي إليه الكاتب قبل أن تطالع الكتابة أو المقالة أو الرسالة وترى الصور الكثيرة المهمة في كل عدد منهما كل يوم ولاسيما عدد الأحد