وأول أمير نبطي ذكره التاريخ اسمه ارتياس الأول. وامتد سلطان النبط على عهد المكابيين الأولين إلى شرقي الأردن ولما ضعفت دولة البلاطة والسلوقيين عاد النبط فقوي سلطانهم بسرعة في القرن الثاني قبل الميلاد. وكانت حدود هذه الملكة على عهد ارتياس الثالث نحو سنة ٨٥ تمتد إلى دمشق ولقب ملكها إذ ذاك عجب اليونان ويستدل على أن المدينة اليونانية كانت قد استحكمت أواصرها في أرض النبط من المصانع والنواويس التي عثرت عليها وهي تنم بأجلى بيان عن مدينة يونان وفي أيام هذا الملك حدث المصاف الأول بينه وبين الرومان فاضطر أرتياس أن يؤدي الجزية إليهم. واضطر النبطيون على عهد الإمبراطور بومبي وأخلافه أن يقدموا منهم الحين بعد الآخر جنوداً مساعدين للرومانيين ولكن ظلت مملكتهم حرة قوية وانضمت على عهد أرتياس الرابع إلى مملكة دمشق. وفي سنة ١٠٦ للميلاد جعلت بترا وأعمالها كلها أي العربية الصخرية ولاية رومانية وقد أنشأ الإمبراطور تراجان طريقا عظيما وصل فيه بين سورية والبحر الأحمر. وبعد ذلك انقسمت هذه الولاية.
وفي نحو ٣٥٨ اصبحت بترا ولاية مستقلة برأسها تحت اسم مملكة فلسطين أو فلسطين المسالمة. وإن المصانع والعاديات الرومانية التي لم تبرح محفوظة إلى اليوم لتدل بأن بترا كانت على عهد الحكم الروماني قد بلغت شوطا عاليا من العظمة والارتقاء ولم تبدأ بالسقوط عن مكانتها إلا في نحو منتصف القرن الثالث للمسيح لارتقاء مملكة فارس ومملكة تدمر اللتين نازعتاها في التجارة بل لان الفرس وفقوا إلى تحويل التجارة عن مصارفها القديمة إلى أصقاع الفرات والخليج الفارسي.
ولما فتح العرب هذه البلاد كان قد محي اسم بترا أو كاد. وزعم الصليبيون لما جاؤوا سورية فاتحين أن جبل هارون على مقربة من بترا هو جبل طورسينا فأنشأوا فيها قصرا فخما في ذروته المقدسة ومنذ ذال العهد سقطت المدينة في تيه العدم إلى أن كان القرن التاسع عشر وقد اكتشف سياح الإفرنج ما فيها من العاديات وفيها ٧٥٠ ناووسا مهما وهي أهم تلك المصانع ومن العاديات هنا ما يعد من أغرب ما صنع خزانة فرعون وهي هيكل علوّه ٨٥ قدماً وأسفله دار مربعة قطرها ٣٦ قدم وعلوها ٢٥.