أما الكرك أو قلعتها فهي كانت وما زالت من أعظم حصون سورية ولذلكم احتلها الصليبيون وحرص صلاح الدين وأسرته أن يسترجعوها منهم لأنها مفتاح القطرين بل القطر المصري والشامي والحجازي ولذلك تجد ذكرها يتردد كثيراً في التاريخ منذ استولى على الإفرنج إلى أن انقضت دولة الجراكسة في مصر والشام على يد السلطان سليم العثماني سنة ٩٢٢ هـ.
ولطالما كانت الكرك موعداً للقاء وميداناً لإرهاق الدماء وتكافح الناس في جوارها على امتلاكها كفاحاً وأي كفاح بيعت فيه إلى الأرواح والأشباح بيع السماح وهاك الآن مثالاً من صحف التاريخ المنسية تعتبر بها وتزدجر.
قال أبو الفدا في حوادث سنة ثمان وستين وخمسمائة وفيها سار صلاح الدين من مصر إلى الكرك وحصرها وكان قد واعد نور الدين أن يجتمعا على الكرك وسار نور الدين من دمشق إلى أن وصل إلى الرقيم وهو بالقرب من الكرك. والرقيم هو كما قال ياقوت أيضاً بقرب البلقاء من أطراف الشام عنها كثيراً بقوله وكان يزيد بن عبد الملك ينزله وقد ذكره الشعراء:
أمير المؤمنين إليك نهوي ... على البخت الصلادم والعجوم
إذا اتخذت وجوه القوم نصباً ... أجيج الواهجات من السموم
فكم غادرن دونك من جهيض ... ومن نعل طرحة جذيم
يزرن على تنائيه يزيداً ... بأكناف الموقر والرقيم
تهنئة الوفود إذا أتوه ... بنصر الله والملك العظيم
والموقر حصن بالبلقاء قال فيه ياقوت أنه اسم موضع بنواحي البلقاء من نواحي دمشق وكان يزيد بن عبد الملك ينزله قال جرير:
ما شاعت قريش للفرزدق خزية ... وتلك الوفود الناديون الموقرا
عشية لاقى القين قين مجاشع ... هزيراً أبا شبلين في الفيل قسوراً
وقال كثير:
سقى الله حياً بالموقر دارهم ... إلى قسطل البلقاء ذات المحارب
وقد نشأ من الموقر جملة من المحدثين والنسبة إليها موقري وصرح الشاعر بأن الموقر من