منه ويمكن أن يكون هذا التفاوت الواقع في المن بعينه مناطاً للتفاوت في المثقال بحسب الزمانين إذ خمسمائة من المثقال الذي ضبطه الشيخ قريب جداً من ستمائة من مثقال زماننا وحسبما ضبطناه وما يبقى من التفاوت قليل يمكن استناده إلى الميزان أو الشعير أو التسامح أو أمثالها.
تتميم اعلم أن أنواع الأجسام كما كانت المتساوية فيها وزناً قد تخالفت حيزاً فرطل من الماء مثلارً لا يملاً نصف مكان رطل من الشعير كذلك المتساوية منها بحسب الحيز تكون مختلفة بحسب الوزن فوزن صاع من الشعير مثلاً لا يبلغ نصف وزن صاع الماء وعلى هذا القياس سائر الأجسام حسبما اقتضت صورته النوعية من التخلخل والتكاثف والخفة والثقل وتحقيقه كما تقرر في موضعه أن نسبة وزن الخفيف إلى وزن الثقيل يكون كنسبة مكان الثقيل إلى مكان الخفيف بل قد يكون نوع واحد من الأجسام يختلف أشخاصه في ذلك بحسب المكنة والعوارض المختلفة كما لا يخفى فإن تقدير كل معين بوزن معين لا يتصور إلا بنوع من التخمين وضرب من التسامح فما قاله العلامة رحمه الله في التحرير الوسق ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد والمد رطلان وربع بالعراقي إلى قوله وهذا التقدير تحقيق لا تقريب انتهى محل تأمل إذ تقدير المد عبارة عن كيل مخصوص بالرطل الذي هو وزن مخصوص لا يمكن بدون تقريب إلا أن يحمل على أن ما كانت هذه التقادير مستندة إلى الشارع فتكون بمنزلة التحقيق وإلا فمعلوم أن المد المعتبر في الوضوء لا يوافق المد في أجناس أخر كالحنطة والشعير وأمثالها المعتبر في الكفارات بحسب الوزن حتى يقدرا بشيءٍ واحد تحقيقاً فكأنه أراد الشارع توسعة وجعل ذلك الكيل المخصوص والوزن المخصوص في تلك الأحكام بمنزلة الواجبات التخييرية بأيهما أخذ المكلف برئ ذمته وإن اختلفا فاحشاً وإليه قول بعض الفقهاء في قدر زكوة الفطر هي بالكيل صاع وبالوزن ألف ومائة وسبعون درهماً انتهى.
فأشكاله بعد ذلك في صورة بلوغه كيلاً لا وزناً أو بالعكس للخفة والثقل كأنه مبني على الاحتياط هذا مع أن الروايات في التقادير مختلفة لا تأبى الجمع بينها بحمل كل منها عل جنس مناسب لكن لم ينقل من الفقهاء هذه الطريقة بل جمعوها من جهات أخر أو طرحوا بعضها لضعف السند وغيره على حسب اقتضاء قواعد الأصول حتى انتهى إلى