الرومان كانت فيه الأديار والبيع والمعابد مبثوثة في كل بقعة من بقاعه وقرية من قراه ولما فتحها المسلمون عاملوا أهلها بالرفق وأقروهم على عبادتهم شأنهم في فتوحاتهم ولكن دالت الدول وكرت الأعصار وجيشت ملوك أوروبا على الشرق جيوشها في القرون الوسطى وكانت الحرب الصليبية سجالا بين المسلمين والصليبيين في هذه الارض مدة قرنين فلا عجب إذا شهدنا أسوار المدن مهدمة وآثار البيع والاديار معفاة داثرة وأشجار ذاك الصقع وغاباته مدمرة وكثيراً من مدنه قرى صغيرة أو مزارع بائرة.
خربت هذه الديار بأدوار اتت عليها كان القول الفصل في سياسة حكومات الأرض لرجال الدين وكان أهل الصليب من أمم أوروبا كلما أرادوا أن يرجعوا أدراجهم ويتخلوا عن هذه الأرض يحفز أرواحهم حافز من القساوسة والشمامسة ومن لف لفهم من حملة الدين فيلقون بأنفسهم في مآزق صعبة ويركبون إلى نيل اوطارهم كل ذلول وصعبة فتردهم جيوش المسلمين عن استباحة حمى الإسلام لأن فلسطين أوسورية إذا ملكها الافرنج يضيع الإسلام المسجد الاقصى ويوشك أن يكون الخطر محدقاً بالحرمين الشريفين مبعث الوحي والرسالة ومحج أهل الإسلام من العالمين ولذلك هاجم الصليبيون هذه الديار بسائق الدين ودافع عنها المسلمون بسائق الدنيا والدين فكتبت الغلبة لأهل هذه البلاد وقلما ظفر مهاجم ورجع الدخلاء عنها مدحورين ولكن بعد أن خرب العامر والغامر وأصبحت نفراء جرداء لا تجد فيها خضراء ولا غضراء.
ولقد كانت طبرية عاصمة الجليل ولها شأن مذكور بين مدن تلك الأرباض أسست عام ١٧ للمسيح على يد هيرود انتيباس حاكم الجليل الذي جعلها عاصمته وسماها بالاسم الذي عرفت به إلى اليوم إكراماً لحاميه الامبراطور طيباريوس الروماني وكانت المدينة جنوبي موقع المدينة الحالية اولا اي حوالي الحمامات المعدنية ويسمى اليوم ذاك المكان بخربة الحمام وذلك لأنه اكتشفت مدافن وقبور في مكان المدينة القديمة فأبى اليهود أن يسكنوها لان خرق حرمة المدافن يعد عندهم من الكبائر، ولم يستطع هيرود أن يسكن طبرية لاول انشائها الا باناس من طبقة واطئة انعم عليهم بأنواع الاحسان وأغدق عليهم الأعطيات ترغيباً لهم ولما توفي عاملها عهد الامبراطور نيرون إلى اغريبا الفنى بالولاية عليها سنة ٤١ فلم يكن منه إلا أنه أسقط طبرية عن مكانتها واختار صفورية لتكون عاصمة الجليل.