فاستعادها هذا بعد خمس سنين وذبح الحامية والنصارى فيما يقول الافرنج وأخذت هذه المدينة بالانحطاط حتى أن الرحالة كارسيموس لما زارها سنة ١٦٢٠ لم يرقيها أحداً من اليهود ووجد سكانها كلهم من المسلمين.
وحكم طبرية ظاهر العمر حاكم عكا وهو الذي بنى سورها المتهدم الحالي سنة ١٧٣٨ وجدده ابراهيم باشا المصري سنة ١٨٣٣ ولكن أصيبت بعد أربع سنين من هذا التاريخ بزلزال لم يبق منها ولم يذر هلك فيه سبعمائة شخص وقوضت أركان أبنيتها كافة وقل سكانها المسلمون ونزلها يهود من أطراف الأرض وهم اليوم أكثر من ثلاثة أرباع سكانها لا يقلون عن سبعة آلاف فيهم النمساوي والبولوني والروسي وغيرهم.
وأهم ما في طبرية حماماتها وبحيرتها قال علي بن أبي بكر الهروي: أما حمامات طبرية التي يقال أنها من عجائب الدنيا فليست هذه التي على باب طبرية على جانب البحيرة (المعروفة اليوم) فإن مثل هذه كثيراً ما رأينا في الدنيا وأما التي من عجائب الدنيا فهو موضع من أعمال طبرية شرقي قرية يقال لها الحسينية في واد وهي عمارة قديمة يقال أنها من عمارة سليمان بن داود وهو هيكل يخرج الماء من صدره وقد كان يخرج من اثنتي عشرة عيناً كل عين مخصوصة بمرض إذا اغتسل فيها صاحب ذلك المرض برئ بإذن الله تعالى والماء شديد الحرارة جداً صاف عذب طيب الرائحة ويقصده المرضى يستشفون به وعيون تصب في موضع كبير حر يسبح الناس فيه ومنفعته ظاهرة وما رأينا ما يشابهه إلا الشرميا.
قلنا وإن ما يشير إليه من الحمامات بأنه في واد بعيد عن طبرية وهو من عجائب الدنيا يشير فيما نحب إلى الحمة الواقعة في وادي اليرموك على طريق الخط الحديدي عند الكيلومتر ٩٣ و ٩٥ قال أبو القاسم في وصف حمة طبرية وفيها عيون ملحة حارة وقد بنيت عليها حمامات فهي لا تحتاج إلى الوقود تجري ليلا ونهاراً حارة وبقربها حمة يغتمس فيها الجرب وبها مما يلي الغور بينها وبين بيسان حمة سليمان بن داود عليه السلام ويزعمون أنها نافعة من كل داء.
وهذه الحمة الأخيرة أي حمة سليمان لا تزال إلى اليوم معروفة بحمام سيدي سليمان وهي إحدى الحمامات الكائنة في جنوب طبرية على نحو كيلومترين منها ويجري الماء إلى