وكان المكثرون منهم سبعة عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعائشة أم المؤمنين، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر.
قال أبو محمد بن حزم: ويمكن أن يجمع من فتوى كل واحد منهم سفر ضخم قال: وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن أمير المؤمنين المأمون فتيا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في عشرين كتاباً، وأبو بكر محمد المذكور أحد أئمة الإسلام في العلم والحديث.
والمتوسطون منهم فيما روي عنهم من الفتيا أبو بكر الصديق، وأم سلمة، وأنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وأبو موسى الأشعري، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وجابر بن عبد الله، ومعاذ بن جبل، (قال ابن حزم) فهؤلاء ثلاثة عشر يمكن أن يجمع من فتيا كل واحد منهم جزء صغير جداً ويضاف إليهم طلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وعمران بن حصين، وأبو بكرة، وعبادة بن الصامت، ومعاوية بن أبي سفيان.
والباقون منهم مقلون في الفتيا لا يروى عن الواحد منهم إلا المسألة والمسألتان والزيادة اليسيرة على ذلك، يمكن أن يجمع من فتيا جميعهم جزء صغير فقط بعد التقصي والبحث.
حالة الفتوى في عهد التابعين وتابعيهم
كان المرجع بعد الصحابة في الفتيا إلى كبار التابعين وكانوا منتشرين في البلاد التي عمرها المسلمون بفتوحاتهم، وقد عد الإمام ابن القيم في أوائل أعلام الموقعين عدداً عديداً منهم كما أن كثيراً من الحفاظ ألف في طبقاتهم أجزاء ومجلدات.
وأما حالة الفتيا في عهدهم فقد نبه عليها ولي الله الدهلوي في الحجة البالغة بما مثاله: اعلم أنه كان من العلماء في عصر سعيد بن المسيب وابراهيم والزهري وفي عصر مالك وسفيان وبعد ذلك قوم يكرهون الخوض بالرأي ويهابون الفتيا والاستنباط إلا لضرورة لا يجدون منها بداً، وكان أكبر همهم رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عبد الله بن مسعود عن شيء فقال: إني لأكره أن أحل لك شيئاً حرمه الله عليك أو أحرم ما أحله الله لك، وقال معاذ بن جبل: يا أيها الناس لا تعجلوا بالبلاء قبل نزوله فإنه لم ينفك المسلمون أن يكون فيهم من إذا سئل سرد، وروي نحو ذلك عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود