ولويس البافاري ويوحنا دي بريان ملك القدس وهوج دي لوزنيان صاحب قبرص جاؤوا في خمسة عشر ألفاً من رجالهم وحاولوا مرتين فتح قلعة الطور فارتدوا عنها خائبين فرأى الملك العادل قطعاً لأطماعهم وحرصاً على السلام أن يدك ذاك الحصن بعد خمس سنين من بنائه وفي سنة ١٢٦٣ جاء الظاهر بيبرس البندقداري من مصر في جيش ضخم وعسكر في منحدر جبل الطور وخرب فيما قيل الأماكن الدينية التي كانت فيه وجعل عاليها سافلها وفي سنة ١٦٣١ نال قنصل دوقية طوسكانيا في صيدا من الأمير فخر الدين المعني رخصة تجيز لرهبنة الأخوات القاصرين أن يقيموا في جبل الطور ومنذ ذاك العهد أصبح هذا الجبيل معاهد للعبادة والنسك.
هذه لمعة من تاريخ الطور ويقال له جبل التجلي كما يقال له جبل تابور، أما الكرمل فهو أيضاً من الحصون المهمة قال ياقوت: كرمل بالكسر ثم السكون وكسر الميم ولام هو حصن على الجبل المشرف على حيفا بسواحل بحر الشام وكان قديماً في الإسلام يعرف بمسجد سعد الدولة، ولذا يغلط الناس اليوم في فتحهم كاف الكرمل والصحيح كسرها وهذا الجبل أطول من الطور يمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الغربي على طول ٣٤ كيلو متراً ويختلف عرضه من ٥ إلى ٨ كيلومترات ولا يبلغ علوه في الشمال الغربي أكثر من ثلثمائة متر على حين يبلغ في الوسط ٥٤٠ متراً وهو مشرف عل البحر من جهة وعلى سهل يزرعيل الفسيح من جهة أخرى.
ومعنى كرمل بالعبرانية الحديقة ورد ذكره في التوراة إشارة إلى الجمال والخصب وهو من أشهر جبال غربي الأردن يبتدئ من رأس قرب حيفا وينتهي بوادي الملح مقابل يتنعام طوله نحو ١٢ ميلاً وأعلى رؤوسه عند عسفيا نحو ١٧٢٩ ويعرف هذا الجبل بجبل النبي الياس لأنه أقام فيه وكان الكرمل في كل عصر موطن التفكر والعزوف عن الدنيا وذلك في أيام الوثنية والنصرانية حتى أن الفيلسوف فيثاغورس اليوناني كثيراً ما كان يذهب للتدبر والتفكر في الكرمل المقدس وفي عهد دارا بن يستاسب ملك الفرس (٥٢١ - ٤٨٥ ق. م) كان يعبد في الكرمل كوكب المشتري وقال بعض مؤرخي الرومان أن الكرمل نفسه كان يعبد فلم يكن فيه معبد ولا هيكل بل ليس فيه إلا مذبح وعباد يتعبدون وكان في النصرانية معبداً لرجالها حتى نشأت في القرون الوسطى فيه رهبنة الكرمليين المشهورة في المشرق