ولا بأس من التصريح هنا بأن من تتمة الخط الحديدي البغدادي إنشاء الخط الذي كان بدأ به سنة ١٨٩٥ من حيدر باشا إلى قونية ماراً بأفيون قره حصار فهو يصح أن يسمى من متممات خط أزمير فمن مدينة قونية إذاً تسير سكة حديد الخليج الفارسي مقتربة من خليج مرسينا. ويتحدث الإنكليز منذ نحو نصف قرن بهذا الخط لأنه يسهل المواصلات مع الهند حتى أنهم وضعوا سنة ١٨٥١ مشروع خط حديدي يمتد من السويدية في جنوبي إسكندرونة من أعمال سورية ماراً بإنطاكية وحلب والموصل فبغداد فالبصرة فالكويت. وفكر بعضهم في إنشاء خط حديدي من البوسفور إلى الموصل ماراً بسيواس وديار بكر كما اقترح الروس أن يجعلوا طرابلس مبدأ الخط. وكان ينوي أصحاب امتياز خط أنقرة - قيصرية أن يصلوه بدجلة والخليج الفارسي لكن شركة ألمانية فيها بعض الفرنسيين نالت الامتياز إلى ٩٩ سنة بإنشاء خط حديدي من قونية إلى الخليج الفارسي يكون خط حيدر باشا قبالة الأستانة رأساً له فإذا اجتاز الخط اركلي يصل إلى سهل ثم يصعب تمديد الخطوط الحديدية لأنه يضطر إلى قطع سلسلة من جبال طوروس وفي شمالي الإسكندرونة يجتاز سلسلة أخرى من سلاسل جبال سورية ومن هناك ينشأ فرع صغير لتسهيل نقل الأدوات وتتصل حلب مع الخط الأصلي بفرع آخر يصل بينها وبين خط سورية ويستقيم سير الخط من أذنة إلى الموصل ومن هنا يتبع الخط مجرى دجلة إلى بغداد.
وفي مأمول القائمين بتمديد خط الخليج الفارسي أن ينجزوه سنة ١٩١٠ وهو مما يستبعد. وكيف دارت الحال فسيأتي هذا الخط بفوائد جزيلة أقلها تقريب المسافة بين أوربا والهند فإن معدل البريد الآن من لندن إلى بومباي في ١٤ يوماً و١٦ ساعة ومتى نجز خط بغداد يرسل البريد عن طريق آسيا الصغرى إلى ما بين النهرين في ثلاثة أيام و١٥ ساعة. لا جرم أن عدد الذاهبين إلى الهند والشرق الأقصى ممن يسافرون في البحر الأحمر وهو قرابة ربع مليون نسمة في السنة سيزيد كثيراً. وإذا صح ما يتحدثون به الآن من إنشاء جسر على البوسفور فسيجيء يوم تختصر فيه المسافة كثيراً فتسافر القطارات من كالى في فرنسا أو من لندن بدون أن تفرغ شحنها حتى تبلغ مصب شط العرب.