وأدواتهم القاطعة هي من الصدف الذي تقذف به الشواطئ وبها يقطعون وينحتون يعيشون عيش البادية في الغابات وتمتد الأصقاع التي ينزلونها إلى ريوغراند وسان ميكل إلى الشرق مما وراء ريوبلانكو، وهم لا يلبسون ثياباً وزينتهم الوحيدة عبارة عن عقد يتخذونه من أسنان القرود ومن حبوب يسلكونها في أسلاك بدون أن يخرقوها بآلة ما، وأكواخهم وقلما يأوون إليها مؤلفة من أغصان النخيل وأوراقه يدعمها جذع من الشجر وليس لهم من السلاح غير أقواس من خشب النخل طولها متران وسهام منه أيضاً طولها ثلاثة أمتار ورأسها محدد، ولا يعرف أصل هذا الشعب معرفة أكيدة.
ألمانيا وكلياتها
كان للكليات في ألمانيا خلال النصف الأول من القرن الماضي عمل عظيم في حياة تلك الأمة العقلية والأخلاقية والسياسية ففي سنة ١٨١٠ رأى فريدريك غليوم الثالث صاحب بروسيا أن تستعيض ألمانيا عن القوى المادية التي أفقدها إياها نابوليون بقوى أدبية فأسس كلية برلين ليلقي في قلوب ناشئة الأمة فكراً علمياً سليماً وبعلمهم بالكلام والمثال أن يخصوا أرواحهم للعلم وقلوبهم للوطن، ومن مجتمعات الطلبة نشأت الدعوة إلى الوحدة الألمانية وكانت ألمانيا إلى ذاك العهد مقسمة إلى إمارات مشتتة الكلمة ضعيفة السلطان تفادى الطلاب في هذا السبيل بكل عزيز ولطالما جنحوا إلى الثورات وقتلوا وقتل منهم في سبيل تأييد دعوتهم، فمن الكليات نشأت الانقلابات الكبرى في الفلسفة والدين والعلم وكان الألمان إلى ذاك العهد أمة فكر وشعر يقولون في أنفسهم أنهم تركوا البر لجارتهم (فرنسا) تنصرف فيه على ما تشاء والبحر لأخرى (انكلترا) تعمل ما تريد ولم يبق لهم إلا الاحتفاظ بالسماء وهي منزل العقل، وهذه الوحدة السياسية التي كان يراها بعضهم من الخيال قد تحققت في العلم والعمل بفضل الكليات التي كانت مركز الحياة الوطنية، وأنا إذا صرفنا النظر عن أهل الأدب والصناعات نجد جميع كبار الرجال في ألمانيا من أساتذة تلك الكليات، ولما نضجت الأفكار على تلك الصورة قام بسمرك قبيل الحرب الألمانية الفرنسوية ووحد بين تلك الإمارات وعلم أولئك العاملين أن النشرات والدعوات تعمل إلى حد محدود ولا بد لتحقيق الغرض بعد ذلك من النار والبتار، انتهى عمل الكليات السياسي سنة ١٨٧٠ ولكنها ظلت صاحبة الحق في حفظ تراث الأجداد وقديم الأمجاد فهي التي تعلم الناس التجديد ولكن