فبلغ ما استخرج من هذا المعدن سنة ١٨٩٩، ٦. ٣١٧. ٠٠٠ وكان المستخرج من الحديد المسبوك سنة ١٨٨٩، ٣. ٣٨١. ٠٠٠ فصار سنة ١٩٠٠، ٨. ٥٢٠. ٠٠٠ وكان قدر أنوال المنسوجات سنة ١٨٨٧، ٥. ٣٨١. ٠٠٠ فأصبح بعد إحدى عشرة سنة ٧. ٨٨٤. ٠٠٠ ونجحت الصناعات الكيماوية والكهربائية نجاحاً باهراً. ولألمانيا المقام الأول بين الأمم في استخراج السكر.
كانت نفوس ألمانيا سنة ١٨٧١، ٣٩. ٣٦٠. ٠٠٠ نسمة تقريباً فبلغت سنة ١٨٩٠، ٤٧ مليوناً وسنة ١٩٠٥، ٦٠ مليوناً أي أن الشعب الألماني يزيد في السنة ٨٠٥. ٠٠٠ نسمة وكل مولود جديد يحتاج إلى مرتزق جديد له وقلما يجده في الزراعة إذا لم يجده في الصناعة والتجارة لأن مواد الزراعة ضيقة النطاق في تلك البلاد بحكم الطبيعة ولا يتأتى أن يعيش بها إلا عدد محدود من السكان فلم يبق من ثم إلا الصناعة يقيمون لها كل يوم أنواع المعامل الجديدة والمشاريع الصناعية والتجارية الحديثة وسينتهي الحال بأن تغدو ألمانيا بحكم الطبيعة في مقدمة الأمم بصناعتها.
ولقد كان لهذا التقدم الاقتصادي نتائج اجتماعية وسياسية كثيرة ذلك لأن هذا الارتقاء زاد في رفاهية الأمة وحسن الأخلاق وسعدت الحياة في ألمانيا وأصبحت داخلية المدن إلى اللطف والذوق يتوفر فيها الزخرف والبهرج والنظافة المفرطة. وإنك لترى في كل مكان خطوط الترامواي والإنارة بالكهربائية مألوفة في البلاد كلها وواجهات الدكاكين مزدانة وإمارات الغنى تتجلى في جميع الأعمال وترى أحياء العملة في المدن الكبرى كهمبورغ وبرلين وكولون لا تشبه غيرها من المدن الفرنسية مثلاً إذ ترى في تلك البلاد دلائل الحضارة ماثلة والناس يظهرون في أجمل بزة وزي وشارة. وللوالدين مطامع يرجونها لأبنائهم ويبحثون عن إيجاد أعمال أحسن من أعمالهم. وبالجملة فإن الشعب الألماني يرفع أسبابه المادية والأدبية عن معدلها السابق في المدن على الأقل.
ومعلوم أن كل نجاح مادي لا يقوم إلا ببذل النفس والنفيس في سبيله فالعامل والسوقة من الألمان يدفعون أجور منازلهم أغلى من ذي قبل وهي جديدة البنيان وإذ أصبحوا ينفقون على معيشتهم أكثر اضطروا أن يسعوا في زيادة أجورهم ومداخيلهم وهذا هو السر في قيام الاعتصابات واتحاد الطبقة النازلة مع أهل حزب الشمال الذي يعنى أهله بتحسين حالة