للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واذن لغيرهم أن يسكنوا حيث أرادوا فابتاع اولئك النازحون أملاكاً واسعة وأراضي ذات ينابيع غزيرة وانشأوا فيها أبراجاً وتناسلوا ونزل معظمهم مدينة تونس بحيث يسوغ لنا أن نقول أنهم مدنوا أهلها بما حملوه إليهم من مدنيتهم وصناعاتهم، بل قد أسسوا مدناً مهمة مثل سليمان وبالي ونيانو وقرومباليا وتوركي وجديداً وزغوان وطوبورية وجريش الواد ومجاز الباب وتاستور وسلوقية والعالية وقلعة الأندلس وغرسوا الزيتون والتين وانشأوا الحدائق وعمروا الطرق ودمثوها بما اتوا به من بلادهم الأصلية من محادل (ملاسة) وما برح هؤلاء المهاجرون إلى اليوم يمتازون عن غيرهم وهم في تونس طبقة الأحرار.

وقد انتهت الحال بأن جعلت بعض أعمال المحتسب في تونس بيد مجلس العشرة الأعيان وكلهم ينتخبون من أهل تونس ومن أصل أندلسي ماحلا إثنين يكون أحدهما من صفاقس والثاني من جربة ويجب أن يكونوا كلهم من أهل المذهب المالكي ومن معلمي الشواشية أي صناع الطرابيش ماخلا الجربي والصفاقسي وإليهم يرجع الأمر في فصل قضايا التزوير في الشواشية والإشراف على عملها أن يكون صباغها جيداً وكان نقيب حرفة الشواشية تحت أمرهم.

وكان من خصائص مجلس العشرة النظر في غش البضائع وهو يحكم على الجيد منها والعاطل فيما إذا حدث اختلاف بين البائع والمشتري وذلك بوساطة أمين التجار ولم يكن أعضاء هذا المجلس يقبضون راتباً ولا يحضر عضو جربة وصفاقس في مجلس العشرة إلا إذا عرضت مسائل تجارية، وكان لأعضاء هذا المجلس امتيازات خاصة كأن يكون لهم حق التصدر على سائر التجار ويجلسون في بعض الأحوال بالقرب من الباي، وقد تولت محكمة العرف اليوم ما كان يتولاه مجلس العشرة سابقاً من أمور الاحتساب يحكمون فيما يعرض من المسائل كما يحكم أهل الخبرة وهذه المحكمة مؤلفة من أمين التجار وعشرة معاونين، وقد أخذ شيخ المدينة ينظر في بعض الأعمال التي كان يتولاها المحتسب سابقاً فهو يرأس نقباء الحرف وحكمه لا يقبل النقض والإبرام فيما يحدث من الاختلافات في مسائل الصناعات وهو المكلف بحجز أموال المفلسين وبيعها في تونس وتوزيع ما حصل من أثمانها على أرباب الديون على اختلاف تابعيهم وهو يبيع الأملاك التي رهنها بعض التونسيين ومشايخ الحارات هم اليوم مضطرون إلى أن يقدموا بياناً مطبوعاً بمن يولد