سنة ست وتسعين كان طاعون الجارف هلك في ثلاثة أيام سبعون ألفاً ومات في لأنس ثمانون ولداً وكان يموت أهل الدار فيطبق عليهم الباب وفي سنة إحدى وثلاثين ومائة مات أول يوم في الطاعون سبعون ألفاً وفي اليوم الثاني سبعون ألفاً وفي اليوم الثالث خمدت الناس وفي سنة تسع عشرة وثلاثمائة ذبح الأطفال وأكلت الجيف وبيع العقار برغيفين واشترى لمعز الدولة كر دقيق بعشرين ألف درهم.
وقد عقد المؤلف رحمه الله في الباب الرابع في عيون التواريخ فصلاً مستقلاً أفرده بذكر الزلازل والآيات المشتملة على دواعي العبر والمواعظ والزواجر وها هو ينص حروفه.
زلزلت الأرض على عهد عمر رضي الله عنه في سنة عشرين، ودامت الزلازل في سنة أربع وتسعين أربعين يوماً فوقعت الأبنية الشاهقة وتهدمت أنطاكية، وفي سنة أربع وعشرين ومائتين زلزلت فرغانة فمات منها خمسة عشر ألفاً، وفي السنة التي تليها رجفت الأهواز وتصدعت الجبال وهرب أهل البلد إلى البر والسفن ودامت ستة عشر يوماً، وفي السنة التي تليها مطر أهل تيماء مطراً وبرداً كالبيض فقتل بها ثلاثمائة وسبعون إنساناً وسمع في ذلك صوت يقول: ارحم عبادك اعف عن عبادك، ونظروا إلى أثر قدم طولها ذراع بلا أصابع وعرضها شبران والخطوة إلى الخطوة خمسة أذرع أو ست تبعوا الصوت فجعلوا يسمعون صوتاً ولا يرون شخصاً، وفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين رجفت دمشق رجفة انتفضت البيوت على سكانها فمات منهم خلق كثير وانكفأت قرية بالغوطة على أهلها فلم ينج منهم أحد إلا رجل واحد، وزلزلت أنطاكية فمات منها عشرون ألفاً، وفي السنة التي تليها هبت ريح شديدة لم يعهد مثلها فأقامت نيفاً وخمسين يوماً وشملت بغداد والبصرة والكوفة وواسط وعبادان والأهواز ثم ذهبت إلى همذان فأحرقت الزرع ثم ذهبت إلى الموصل فمنعت الناس من السعي فبطلت الأسواق وزلزلت هراة فوقعت الدور، وفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين وجه طاهر بن عبد عبد الله إلى المتوكل حجراً سقط بناحية طبرستان وزنه ثمانمائة وأربعون درهماً وفيه صدع وذكر أنه سمع لسقوطه هدة مسيرة أربعة فراسخ في مثلها وأنه ساخ في الأرض خمسة أذرع، وفي سنة أربعين ومائتين خرجت ربح من بلاد الترك فمرت بمروَ فقتلت خلقاً كثيراً بالزكام ثم صارت إلى نيسابور وإلى الري ثم إلى همذان وإلى حلوان ثم إلى العراق فأصاب أهل بغداد (وسر من رأى) حمى وسعال وزكام