أنا لا أنت البعيد هوى ... أنا لا أنت الغريب هنا
أنا فرد يا حمام وها ... أنت والألف القرين ثنا
اسرحا رأد النهار معاً ... واسكنا جنح الدجى غصنا
وابكيا يا جارتي لما ... لعبت أيدي الفراق بنا
أين قلبي ما صنعت به ... ما أرى قلبي له سكنا
كان يوم النفر وهو معي ... فأبى أن يصحب البدنا
أنه حادي الفراق حدا ... أم له داعي الفراق عنى
ومن قوله في بعض الفصول: ويحك اجتنب حلواء الشره فإنها سبب الحمى وخل خل البخل فإنه يؤذي عصب المروءة، إن عوجلت أمراضك فعولجت وإلا مللت وأمللت، لو احتميت عن الخطأ لم تحتج إلى طبيب، من ركب ظهر التفريط نزل به دار الندامة.
ومن قوله في هذا الفصل: كان داود إذا أراد النياحة نادى مناديه في أندية المحزونين فيجتمعون في مأتم الندب فتزداد الحرق بالتعاون:
يا بعيد الدار عن وطنه ... مفرداً يبكي على شجنه
كلما جد النحيب به ... زادت الأسقام في بدنه
ولقد زاد الفؤاد جوى ... هاتف يبكي على فننه
شاقه ما شاقني فبكى ... كلنا يبكي على سكنه
يا مذنبين مصيبتنا في التفريط واحدة وكل غريب للغريب نسيب، ومن قوله في فصل آخر:
إخواني انتبهوا من رقدات الأغمار وانتبهوا لحظات الأعمار وقاطعوا الكسل فقد قطع الأعذار الأعذار واسمعوا زواجر الزمن فما داجى الدجى ولقد نهر النهار وخذوا بالحزم فقد شقي من رضي بشفا جرف هار، ومنه: وأعجبا يتأمل الحيوان البهيم العواقب وأنت لا ترى إلا الحاضر ما تكاد تهتم بمؤنة الشتاء حتى يقوى البرد ولا بمؤنة الصيف حتى يشتد الحر ومن هذه صفته في أمور الدنيا فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً.
ومنه: ما دامت النفس حية تسعى فهي حية تسعى، أول فعل لها تمزيق العمر بكف التبذير كالخرقاء وجدت صوفاً، أخل بها في بيت الفكر ساعة وانظر هل هي معك أو عليك، نادها