للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام ابن حزم في الفصل في الكلام فيمن يكفر ولا يكفر ما مثاله: اختلف الناس في هذا الباب إلى أن قال وذهبت طائفة إلى أنه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيا وإن كل من اجتهد في شيء من ذلك فدان بما رأى أنه الحق فإنه مأجور على كل حال إن أصاب الحق فأجران وإن أخطأ فأجر واحد وهذا قول ابن أبي ليلى وأبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري وداود بن علي رضي الله عنهم إلى أن قال والحق هو أن كل من ثبت له عقد الإسلام فإنه لا يزول عنه إلا بنص أو إجماع، وأما بالدعوى والافتراء فلا إلى أن قال وأما من كفر الناس بما تؤول إليه أقوالهم فخطأ لأنه كذب على الخصم وتقويل له ما لم يقل به وإن لزمه فلم يحصل على غير التناقض فقط والتناقض ليس كفراً.

وتتمة البحث من نفائس العلم فليرجع إليها.

اتقاء المفتي التسرع في دعوى الإجماع

كثيراً ما يمر بمطالع كتب الفقه دعوى الإجماع في بعض المسائل أو النوازل ولا سند له إلا عدم العلم بالمخالف فيأتي سير التقليد فينقله على اعتقاد أنه مجمع عليه مع أن الواجب عليه أما التنقيب جهده في سائر بطون الكتب الفروعية وأسفار الخلاف حتى يسقط على الحقيقة في دعوى الإجماع أو يحذف كلمة الإجماع من نقله وعزوه فقد ظهر فيما يحصى من المسائل المدعى فيها الإجماع أن وراءها خلافاً في مذاهب أخرى بل في كتب منتشرة قد لا تخلو خزانة عالم منها، وما ألطف قول شمس الدين الأصفهاني - من كبار أئمة الشافعية - في شرح الحصول، الحق تعذر الاطلاع على الإجماع إلا إجماع الصحابة حيث كان المجمعون وهم العلماء منهم في قلة وأما الآن ويعد انتشار الإسلام وكثرة العلماء فلا مطمع للعلم به قال وهو اختيار الإمام أحمد مع قرب عهده من الصحابة وقوة حفظه وشدة اطلاعه على الأمور النقلية قال والمنصف يعلم أنه لا خبر له من الإجماع إلا ما يجده مكتوباً في الكتب ومن البين أنه لا يحصل الاطلاع عليه إلا بالسماع منهم أو ينقل أهل التواتر إلينا ولا سبيل إلى ذلك إلا في عصر الصحابة وأما من بعدهم فلا انتهي كلام الأصفهاني.

ووجه الاتقاء والتورع في دعوى الإجماع في بعض الأحكام هو أن الإجماع - على ما عرفه الأصوليون - اجتماع علماء المسلمين على حكم من الأحكام: ولذا قال شيخ الإسلام