لتخذها قبلة واعتمدها مله فما لام من أدَّب وإن أوجع ولا سب من صدق وإن أقذع. وأما البحتري فلفظه ماء ثجاج ودرر رجراج ومعناه سراج وهاج على اهداء منهاج يسبقه شعره. إلى ما يجيش به صدره يسر مراد ولين قياد إن شربته أرواك وإن قدحته أوراك طبع لا تكلف يعيبه ولا العناد يثنيه لا يملّ كثيره ولا يتكلف غزيره لم يهف أيام الحلم ولم يصف زمن الهرم. وأما ابن المعتز فملك النظام كما هو ملك الأنام له التشبيهات المثلية والاستعارات الشكلية والإشارات السحرية والعبارات المجرية والتصاريف الصنوفية والطرائق الفنونية والافتخارات الملوكية والهمات العلوية والغزل الرائق والعتاب الشائق ووصف الحسن الفائق.
وخير الشعر أكرمه رجالا ... وشر الشعر ما قال العبيد
وأما ابن الرومي فشجرة الاختراع وثمرة الابتداع وله في الهجاء ما ليس له في الإطراء فتح فيه أبواباً ووصل منه أسباباً وخلع منه أثواباً وطوق فيه رقاباً يبقين أعماراً وأحقاباً يطول عليها حسابه ويمحق بها ثوابه ولقد كان واسع العطن لطيف الفطن إلا أن الغالب عليه ضعف المريرة وقوة المرة. وأما كشاجم فحكيم شاعر وكاتب ماهر له في التشبيهات غرائب وفي التأليفات عجائب يجيد الوصف ويحققه ويسبك المعنى فيرققه ويروقه. وأما الصنوبري ففصيح الكلام غريبه مليح التشبيه عجيبه مستعمل لشواذ القوافي يغسل كدرتها بمياه فهمه الصوافي فتجلو وتدق وتعذب وترق وهو وحيد جنسه في صفة الأزهار وأنواع الأنوار وكان في بعض أشعاره يتخالع وفي بعضها يتشاجع وقد مدح وهجا ونثر وشجا وأعجب شعره وأطرب وشرق وغرب ومدح من أهل أفريقية أمير الزاب جعفر بن علي منفق سوق الآداب فوصله بألف دينار بعثها إليه مع ثقات التجار. وأما الخبزرزي فخليع الشعر ماجنه رائق اللفظ بائنه كثيرة محاسنه صحيحة أصوله ومعادنه رائقة البزة مائلة إلى العزة تسليه عن الحب الخيانة ويروقه الوفاء والصيانة وله على خشونة خلقه وصعوبة خُلقه اختراعات لطيفة وابتداعات ظريفة في ألفاظ كثيفة وفصول قليلة الفضول نظيفة حتى أن بعض كبراء الشعراء اهتدم أشياء من مبانيه واهتضم طرفاً من معانيه وهو من معاصريه فقل من فطن لمراميه. وأما أبو فراس بن حمدان ففارس هذا الميدان إن شئت ضرباً وطعناً ولفظاً ومعنى ملك زماناً وملك أواناً وكان أشعر الناس في المملكة وأشهرهم