زهاء ثلاثين مليوناً في جاوه والمسلمون في الصين ثلاثون مليوناً أما سائر بلاد الإسلام فليس لها إحصاء يعتمد عليه إلا مصر وعددهم فيها ١٠. ٢٦٩. ٠٠٠ وسكان المملكة العثمانية ٢٤ مليوناً القسم الأعظم منهم مسلمون وفي إيران تسعة ملايين وفي مراكش مثلهم أو أقل أو أكثر فيبلغ عدد من ينتحلون الإسلام في العالم من ٢٠٠ إلى ٢٥٠ مليوناً. ولم يقف الإسلام عند حد البلاد التي انتشر فيها بل تعداها إلى غيره شأن إناء صببت فيه زيتاً أكثر مما يسع فض على جوانب الآنية.
انتشر الإسلام بشرعة منذ أول ظهوره وقليل في الأديان التي شابهته وانبثت دعوته إلى اليوم مثله وإن النجاح الذي صادفه منذ انتشاره قد كان داعياً إلى التقول في أسبابه خطأ إذ عجب الناس كيف انتشرت سلطة محمد وإصلاحه خارج جزيرة العرب وقال القائلون ولا يزالون يقولون أن السبب الداعي إلى انتشار الدين الإسلامي قد كان منبعثاً من أسباب زمانية كانت من طبيعة محمد والخلفاء الأول وقبل كل شيء دعت إليها القسوة وقوة السيف ولكن الواقع قد كذب هذا الظن إذ لم ينظر الناظرون إلى الأسباب المختلفة التي نشأت عنها سرعة انتشار الدعوة إلى هذا الدين.
لا شك عندي بأن مبادئ الإصلاح الإسلامي كانت بداءة بدءٍ دينية صرفة. فكان محمد رسولاً على ما عرف العبرانيون رسلاً مثله فقام باعتقاد خالص وأتى على الوثنية وتوخى أن ينقذ مواطنيه من دين بربري سخيف وأن يخرجهم من حالة في الأخلاق والمدنية منحطة كل الانحطاط. فلا مجال إلى الشك إذاً في إخلاصه وحماسته الدينية التي كانت متشبعة بها نفسه وفكره فقام يدعو بعواطفه إلى إصلاحه في مكة ثم في المدينة.
ولما نقل مركز إصلاحه إلى يثرب لم يلبث عنصر جديد أن ينضم إلى إرادته الإصلاحية وهذا العنصر هو الشعور الوطني العربي والفكر الذي أخذ يسري في عقله بتوحيد بلاد العرب توحيداً سياسياً فنشأ بعد ذلك فكر الإصلاح الديني إلى فكر جمع كلمة القبائل العربية تحت سلطة دينية وسياسية واحدة ومن هناك نشأت جرثومة مزج السلطتين الدينية والمدنية اللتين تجلى أمرهما في الحضارة الإسلامية وكانت سبب عظمتها ومجدها كما أن بذلك يعلل سبب انحطاطها وخرابها وبهذا ساغ أن نميز بين انتشار الدعوة الإسلامية بادئ بدءٍ ووعظ القرآن والهداية الدينية وبين الفتح الحربي وتوحيد سياسة العالم العربي. وهذا