للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شعري هل في الإسلام شيء يشبه هذا فالجواب لا ونعم.

ففي افريقية مثلاً أناس من المرابطين هم دعاة تبشير حقيقيين وهناك طرق دينية أخذت على نفسها نشر الدين الإسلامي على أن الإسلام ينتشر بنفسه بواسطة المسلمين أنفسهم لأن كل مسلم في البلاد الوثنية داعية دين بحد ذاته. المسلم على الجملة مؤمن مخلص في إيمانه وربما كان ذلك لأنه قليل التعلم أو كثير الجهل ومن خصائص الإسلام أن يستولي على المعتقد به فيكون مأخوذاً به قلباً وقالباً ولئن كان ثمت من المسلمين الفاترين الذين قلما يعنون بمثل هذه الأمور إلا أن الحمية خلق أساسي فيمن يدينون بالإسلام. وإني أكرر أن في مطاوي المسلم أحياناً شيئاً يشبه المبشر فهو يدعو إلى دينه كما كان يعمل الالبيجوي والغودوي في القرون الوسطى يدعو إلى دينه وهو متوفر على تجارته أو عامل في صناعته والفرق بين هؤلاء الدعاة الملاحدة قديماً وبين المسلمين اليوم هو لمن الأولين كانوا يستعملون سراً هذه الطريقة في بث معتقدهم لأن الحاجة كانت تضطرهم إلى التقية فراراً بأنفسهم من الظلم فيخبئون كتبهم الدينية في متاعهم وخرائط بضائعهم أما الإسلام فينتشر من نفسه بواسطة القوافل التي ترحل في البلاد الوثنية أو الفتشية ودعاة الإسلام فما عرفوا به من الغيرة يعمدون إلى ذرائع مختلفة تناسب كل حال بحسب الأقطار والشعوب التي يبثون دعوتهم بين أهلها وللوسائط الاجتماعية والاقتصادية دخل كبير في الأسباب الدينية التي يعمدون إليها.

وهكذا نرى الدعاة المسلمين قد أنشأوا قرى سكنتها المهتدون إلى دينهم من المحدثين في الإسلام ولطالما انتقموا من القحط الذي كان يلقي بجرانه في أصقاعهم كما حدث في وانكيا على شاطئ زنجيار ليظهروا دينهم في مظهر التفقه والإحسان وكم من مرة أعتقوا الرقيق لينشروا معتقدهم كما وقع في واداي فإن قافلة من العبيد وأصلها من واداي قد أطال إليها يد النهب أهل البادية على حدود طرابلس الغرب ومصر فاشتراهم سيدي محمد بن علي السنوسي وعلمهم في زاويتهم التعليم الضروري وأعتقهم وإذا يقن بعد بضع سنسن غناءهم في بث الدعوة أعادهم إلى وطنهم ليتوفروا فيه على نشر الإسلام.

وإن دعاة المسلمين في الأقطار المتمدنة والشعوب المستنيرة ليجرون في دعوتهم على غير هذه الطريقة فيتوخون بما لهم من علم وتعليم راق إلى نيل الحظوة من الرؤساء وبواسطتهم