للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عداه بالأخلاق الفاضلة والتفاني في خدمة الإنسانية والمدنية. عاش من شق القلم وظل كذلك طول حياته بعد أن خطبته المناصب ورقي درجات العلى ولو أسف قليلاً للتنازل عن مذهبه في الأخلاق لأصبح في رئاسة الجمهورية وعد من كبار ساسة الأرض كما هو من أكبرهم في العلم والعمل ولقضى حياة طيبة خصوصاً في أخريات أيامه فقد ذكروا أنه كان يكتب في الصحف ليعيش بما يكتب حتى أن إحدى الصحف الكبرى نشرت مقالة من قلمه كان بعث بها في خلال مرضه ليأخذ أجرتها فصدرت يوم وفاته.

يعد سيمون من مؤسسي الجمهورية الثالثة الحالية ومن أشد أنصار التكافل الاجتماعي كما يعد رأساً في الكتابة والخطابة. وكتبه ومقالاته وخطبه ومقاماته تعد بالمئات وأول كتاب نشره الواجب والدين الطبيعي والحرية الدينية والحرية السياسية والحرية المدنية وهذه الكتب الثلاثة الأخيرة موضوع واحد قسمه ثلاثة أقسام وأراد بها تعليم الجمهوريين وتنشئتهم على حب الجمهورية واشرابها قلوب الأمة. ونشر أيضاً عدة كتب مثل كتاب الفلسفة والطبقة العاملة والمدرسة وإصلاح التعليم الثانوي والوطني الصغير وموت سقراط والفلسفة الإسكندرية والمرأة في القرن العشرين والتعليم المجاني الإجباري وغير ذلك من الأعمال العلمية النافعة وكلها دالة على روح فاضلة ونفس شريفة طاهرة تألم للظلم وتطمع في الإهابة بالإنسانية إلى حظيرة التعاضد والتكافل وتنزع إلى إصلاح حال البائسين اليائسين.

والناظر في كتبه يقرأ فيها أحسن ترجمة لحياته فقد كان على ما يظهر منها متديناً تديناً معقولاً مازجته الحكمة والاعتدال فصح أن يدعى فيلسوفاً إلهياً وهو ممن نحتاج إلى أمثالهم في مثل هذا القرن الذي قل الاعتدال في أهله فمن متدين غر جاهل لا يدري من أحوال العالم شيئاً ومن متعلم ينكر كل ما يقره المتدينون ويعد حطة عليه أن يتنزل إلى ما لا يفيد بزعمه.

ألا أكرم برجل كسيمون بل أكرم ببلاد رفعته من حضيض قرية حقيرة كان فيها فلاحاً خاملاً إلى منصة العلم والوزارة فصار عضواً عاملاً في أمته بل أكرم بمبادئ صالحة وعلم صحيح سار على منهاجها فعف عن مالها وعاش عيشة حرية بمن يكتب في الحرية الحقيقية ويدعو الناس إليها عاش عيشة من وافق علمه عمله فكان العالم العامل والسياسي