ومن هذا يتضح أن إطلاق المدافع الكبيرة في الهواء إذ وصل دخانه بما فيه من الدقائق إلى مساواة الغيم يحدث غيما ويمنع وقوع المطر لان المطر لا يسقط إلا من قلب الغيوم حيث يقل الغبار أو يخلو بتاتاً.
أما إذا سقط المطر وكان الهواء بارداً جداً فإنه يجمد. فإذا كان الهواء يهب من جميع الجهات لعب فيه ودوَّره فيسقط برداً وإلا فإذا سكن الهواء سقط عطباً كنتف القطن وهو الثلج الذي تكسى به قمم الجبال وسائر الأماكن العالية الباردة.
ولمعرفة أوقات سقوط المطر أو الثلج يجب أن ندرس مهاب الرياح وعلاقة البرد من كلف الشمس ومغنطيسية الأرض وغير ذلك مما يصعب معرفته بالدقة.
غير أن الآلات التي اخترعت حديثاً للدلالة على حالة الجو وهي البارومتر والثرمومتر أي مقياس ضغط الهواء ومقياس الحرارة كثيراً ما تدل على حدوث الأمطار والزوابع بالضبط قبل وقوعها بزمن يختلف من ١٢ إلى ٢٤ ساعة وما ذلك إلا لتأثرها بضغط الهواء ومبلغ ما فيه من الحرارة والرطوبة التي تقل اتكثر تبعاً للفواعل العديدة الطبيعية كما بيناه آنفاً.
فرطوبة هواء الهند مثلاً تأتي من بعد شاسع أي من جهة الجنوب الغربي للاقيانوس الهندي وهواء أوربا يؤثر في أفريقية وهواء جنوب أفريقية يؤثر في آسيا وهكذا فكأن الهواء كرة مرنة ينتقل فعل الفواعل على أحد جوانبها إلى كل جانب ولذلك فجونا عرضة للتأثر من الأعلى أي من الفلك الذي ورداء حدود الهواء ومن القطبتين ومن جانبي خط الاستواء فلا يكاد يفعل فيه فاعل إلا ويظهر تأثير ذلك في مجموعه. ولهذه الأسباب لا يمكننا معرفة أوقات الأمطار والثلوج واشتداد الحر والبرد وغير ذلك إلا إذا عرفنا تأثير جميع الفواعل والمؤثرات في اتحاد العالم. وهذا ما يسعى العلماء لرصده ومعرفته حسبما تمكنهم الأحوال.
وقد لا يمر بنا زمن طويل حتى تصير نبوات العلماء موضوع ثقة القوم فيعرف الناس جهات الرياح وأوقاتها وأزمان سقوط المطر والثلج بضبط يكاد يقرب من كنه الحقيقة.
وفي أوربا وأميركا الآن معاهد خاصة فلكية تنبئ بتغيير حالة الجو أنباء جزيلة النفع للإنسانية. وعما قريب تتفتح عيون الناس في آسيا فيختطون هذه الخطة العلمية ويجاورون القوم في حياتهم العمرانية.