للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال للرجل: سرسر: إذا أمرته بمعالي الأمور. النص. ولم ينبه على أن السرسور هو تصحيف زرزار. ومن ثم فإنك لا ترى في لسان العرب أثراً لهذه الكلمة الأخيرة بالمعنى الذي أشار إليه اللغويون.

أما السرسور فقد ذكرها جميع اللغويين أصحاب المطولات قال في التاج: السرسور: بالضم. الفطن العالم الدخال في الأمور بحسن حيلة. . . وعن أبي حاتم: الحبيب. . . إلى آخر النص الذي ذكره صاحب اللسان. وقد نقل أصحاب دواوين اللغة كلام أبي حاتم فلا حاجة إلى إيراد جميع نصوصهم الآخذين عنه عبارته هذه بدون تغيير وقد ذكرناها. وأما صاحب محيط المحيط فقد غلط في قوله زرادرة بالدال بعد الألف وإنما هي بالواو وقال في التكملة: البطارقة الواحد زورار كما نقلناه فويق هذا.

ولم ينبه أحد من لغويي العرب إلى أنها من أصل أعجمي وأما الإفرنج فلا أعرف منهم إلا فرنكل إذ قال أنها من أصل فارسي أو آرامي قال: سفير: سيسار وفيها لغة وهي سرسور.

والعربي إذا رأى كلتا اللفظتين: الزرزار والسرسور لا يتوقف في أن يقول أنهما من أصل واحد وهو: الزور مكررة مع تصحيف فيكون معناها: رئيس الرئيس أي الرئيس الكبير. لأن الزور هو الرئيس وليس الأمر كذلك ولا سيما الزرزار لأنهم شرحوها بمعنى البطريق أو الكبير من الروم. فلا يمكن أن تكون الكلمة إلا رومية أي لاتينية وهي أي سنسور ثم صحفها العرب وتلاعبوا بلغاتها كما فعلوا بلغتهم فتولدت منها ألفاظ كثيرة مرجعها إلى واحدة. وقلبهم النون رآها هين مستغاض في كتبهم والشواهد فيه لا تعد ولا تحد حتى في الألفاظ العربية الفصيحة كما قالوا في ريح ساكرة: ريح ساكنة. وقالوا الزون والزور. والواو والوكن. والهبور والهبون (العنكبوت) وتأسر عليه وتأسن وما فيه حبربر ولا حبنبر. والمركوس والمنكوس. إلى غير هذه من الألفاظ وعليه قالوا في سنسور: سرسور. ومن العرب من كان يقلب السين زاياً منقوطة ويجعل الالف المفخمة أي الإفرنجة تارة ألفاً وطوراً واواً كما في صلاة وصلوة. وحياة وحيوة. فقالوا على هذا القياس زرزار.

ولعل الأصح أن اللفظة أول ما وردت في كلامهم جاءت مجموعة بصورة زنازرة أو زرزارة ثم توهموا مفردها زرزار حملاً لها على مادة عربية وكان السرسور أو السنسور من ولاة القضاء عند الروم وكان من وظيفته إحصاء أبناء الرعية الرومانية وتقدير أموالهم