المهمة وقر رأيهما على فتح المطبعة وتم الاتفاق بينهما على أن يتعهد إبراهيم آغا إدارتها من الوجهة الفنية ووضع الثاني في الحال رسالة سماها (وسيلة الطباعة) شرح فيها فوائد صناعة الطبع وسهولة اقتناء الكتب المطبوعة بخلاف المخطوطات التي لا يقدر على اقتنائها إلا كبار الأغنياء وقدم هذه الرسالة إلى صدر أعظم ذاك الوقت فصادق على ما ورد فيها من الآراء الصائبة وألف لجنة من أفاضل العلماء العقلاء لدرس هذا المشروع والإقرار على فتح مطبعة تنفق عليها الحكومة من أموالها فقامت اللجنة بوظيفتها خير قيام وقررت استفتاء المشيخة الإسلامية قبل الشروع في العمل منعاً لتهيج العوام من دأبهم قاوم كل شيء جديد لم يألفوه قبلاً ظناً منهم أنه مغاير للشريعة السمحاء والمرء عدو ما جهل وهذه صورة الاستفتاء:
ما قولكم دام فضلكم فيما يقوله زيد ويدعيه من أنه يقدر على نقش صور كلمات وحروف المؤلفات في العلوم الآلية القواميس والمنطق والحكمة والفلك وجمعها في قالب وطبعها على الورق واستحصال نسخ كثيرة من هذه الكتب فهل يجوز له ذلك شرعاً أفتونا مأجورين. فأصدر عبد الله أفندي شيخ الإسلام إذ ذاك الفتوى الآتية بعد أن قرظ رسالة وسيلة الطباعة:
إن زيداً الذي برع في صناعة الطبع إذا نقش صحيحاً حروف كتاب مصحح وطبعه على الورق فإنه يحصل منه على نسخ كثيرة من غير وتعب ما يستوجب رخص أثمان الكتب والمؤلفات ومن ثم تداولها بين الأيدي وبذلك تعم الفائدة وتشمل كل طبقات الناس وعليه يجوز شرعاً الطبع على الوجه المذكور ويستحسن تأليف لجنة لتصحيح الكتب المراد نقش حروفها وطبعها والله أعلم.
وبعد صدور هذه الفتوى أفتى أكثر العلماء الأعلام نور الله مراقدهم أثر شيخ الإسلام في تقريظ الرسالة المار ذكرها ورفعت الفتوى مع قرار لجنة الاستشارة والتقاريظ إلى السلطان أحمد الثالث فصدر الخط السلطاني إلى سعيد محمد أفندي وشريكه إبراهيم آغا آذناً لهما بتأسيس مطبعة لطبع الكتب وتألفت لجنة من كل من إسحق أفندي قاضي دار الخلافة وصاحب محمد أفندي قاضي سلانيك وأسعد أفندي قاضي غلطة وموسى أفندي شيخ تكية قاسم باشا المولوية وعهد إليها مراجعة الكتب المراد طبعها وتصحيحها وعلى أثر ذلك شمر