نفس المرأة فأصبح للحكايات الخيالية الشأن الأكبر في حياتنا وهي غير جديرة بالنظر وغدا القصصيون من رجال ونساء قادة الإنسانية يضعون دعائم مستقبلها واشتغل الناس بالأوهام والأحلام عن الحقائق الثابتة ولعل مؤرخاً ينشأ في القرن الثلاثين ينظر إلى ولوعنا بالخيال هازئاً بما ندعيه من الرقي العقلي وربما أوقفنا في مستوى المصريين القدماء الذين عبدوا الكوائن المنحطة فلا يبعد عن الحقيقة وها نحن ذا نرى المرأة مشغوفة بالروايات مستميلة إليها الرجل وقد استغرق الحب وجودهما وقربا على مذبحه أعظم الضحايا.
حياة المرأة الضيقة الحدود القللية الواجبات جعلتها تتألم لأدنى مظاهر الحياة ومتى رأينا شدة حب المرأة وكرهها حكمنا أن العاطفتين أقوى فيها مما هي في الرجل والشجرة المنفردة في عرض البر تخيل للرائي أنها أكبر مما هي.
أثبت الباحثون أن وجوه الشبه بين نفس المرأة والطفل أوفر مما هي بين نفسي المرأة الطفل والرجل وقد يفوق الرجل في بعض المزايا وينحط عنه في غيرها شأن المرأة فمركزها التاريخي عند جميع الشعوب أكسبها بعض الصفات الفاضلة وأفقدها أكثر منها.
أطاعت الرجل وأصبحت مصدر أفراحه ومسراته فلم تقو على مضارعته في الفكر واقتبست خواص تقربها من الولد حتى وصفها بعضهم بقوله أنها رجل غير كامل إلا أنها تستطيع في دورها أن تعزو إلى الرجل ذلك اللقب ولقد يكون الطفل في حالة نموه أحد ذهناً وأوفر ذكاءً من الرجل إذا تراجع في سلم النشوء وهو على الإطلاق أطهر منه قلباً وأقل اهتماماً.
الارتقاء العقلي لا يجري على خط مستقيم فينهض بنا طوراً إلى أعلى الذرى ويحطنا تارة إلى أعمق المهاوي وهذه المميزات التي تفصل بين الرجل والمرأة ليست سوى نتيجة عوارض طارئة تزول بزوالها ومهما يكن من موقف المرأة إزاء الرجل فهو أثر من آثار المركز الذي وجدت فيه خلال عصور متوالية فهي كما وصفوها رجل ناقص لأنها امرأة غير كاملة ومما يعزينا أنها لم تخسر في عصور العبودية ذرة من القوة العضوية فيعجزها فقدانها عن استعادة مركزها وأقل تغيير في شروط حياتها العقلية والخلقية يمكنها من استرجاع الصفات التي أضاعتها.