كشتاسب أي روح العظمة) وكان ابنه يسقيه ماذا تقول الأمة في أمري؟ فأجابه: مولاي أنهم يثنون على محامدك أطيب الثناء ولكنهم يذهبون إلى أن لك ميلاً قليلاً للخمر قال كمبيز وقد استشاط غضباً من هذا: اعلم إذا كان الفرس يقولون حقاً وصدقاً. فإذا أنا رميت بسهمي قلب ابنك الذي تراه واقفاً أمامك في هذا البهو فذلك أن الفرس لا يعرفون ما يقولون. وما هو إلا أن أعد قوسه وضرب ابن بريكستاسب فخر الفتى صريعاً فجاءه الملك ينظر أين أصابه سهمه فرآه قد أصماه ومزق حشاه. فاستفز السرور الملك وقال لوالد الغلام وهو ضاحك: لقد رأيت بهذا أن الفرس قد أضاعوا رشدهم فقل لي هل عهدت أحداً يطلق السهم إطلاقي له فيصيب الغاية على ما رأيت من الرشاقة. فقال بريكستاسب لا أعتقد أيها المولى أنه في وسع الرب نفسه أن يرمي النبال مثلك في الدقة والاعتدال.
أعمال الفرس - أدى شعوب آسيا في كل دور من أدوارهم جزية للفاتحين وخضعوا للظالمين والغاشمين فنفعهم الفرس كثيراً بأن كفوا بعضهم عن مقاتلة بعض وأزالوا من بينهم أسباب الشجناء وذلك لأنهم أخضعوا كل الشعوب لرئيس واحد. وكان عهدهم عهد سلام لم تعهد فيه مدن تحرق ولا ديار تخرب ولا سكان تذبح أو تؤخذ زرافات وأفواجاً لتستعبد.
مدينتا سوس وبرسوبوليس - عني ملوك الماديين والفرس بإقامة القصور على نحو ما كان يقيم ملوك أشور. وأحسن ما اتصل بنا خبره من تلك القصور قصور دارا في سوس وبرسوبوليس وقد حفر المسيو ديولافوا الفرنسي خرابات سوس فعثر فيها على نقوش وقرامد مزينة بالمينا تبين ارتقاء الصنائع إذ ذاك وقد بقيت من قصر البرسوبوليس خرائب عظيمة وقد نحت في صخر الجبل سطح عظيم قام عليه القصر وهو يوصل إليه بسلم واسع بانحدار قليل بحيث كان يتأتى لعشرة فرسان أن يصعدوه معاً.
النقش الفارسي - حذا نقاشو الفرس حذو الآشوريين في إقامة قصورهم فتجدها في برسوبوليس كما تجدها في بلاد أشور سقوفاً متسعة السطوح يحرسها أسود من الحجر والنقوش الناتئة تمثل صيوداً واحتفالات. وقد أحسن الفرس في إتمام نموذجاتهم في ثلاثة أشياء وذلك بأن استعملوا الرخام عوضاً عن القرميد وجعلوا في الردهات سقفاً بالخشب المصور وأنشأوا أعمدة خفيفة على شكل جذوع الأشجار في أقصى ما يعلم من الحذاقة