الدانيمارك بلاد زراعية رأى النابغون من أبنائها أن يتلطفوا بنشر المعارف في أمتهم فأنشأوا الجامعات الوطنية تلقي دروسها في الشتاء فقط إذ لا يكون للزارع وقتئذ ما يجب عليه عمله فيجتمع إليها ألوف من فتيان الدانيمارك ومزارعيهم ممن يعملون صيفا في الحقول والمزارع فيقبلون علي الطلب ويتلقون الدروس في معاهد تقوم بها جمعيات مختلفة تمدها الحومة بالمال ويقصدون من هذه الدروس إلى تعريف العامل بوسائل تحسين الزراعة فيدرسونه الكيمياء والزراعة على الأصول الحديثة ويزودونه بالمعارف التي تفيده في حياته ولا يهملون فيها التهذيب العام.
المدرسة الإفرنسية في بطرسبرج
تسعى فرنسا لنشر تهذيبها في العالم بأسره فهي لم تكتف بمن يفد عليها من الطلبة الأجانب بل عمدت إلى نشر مدارسها في البلاد فأنشأت مدرسة فلورنسة وأخرى في مدريد وسيؤسس لها مثيل في بطرسبرج عاصمة الروس وقد قال أحد كبار الفرنساويين إن وجود مثل هذه المدرسة في عاصمة شعب يبلغ عدده ١٦٠ مليوناً شديد الارتباط بالشعب الفرنساوي يكون له نتائج جلى فأصغت أمته إلى قوله ولا يلبث المشروع إن يتحقق.
دور المطالعة في أميركا
سبقت أميركا سائر البلاد في إنشاء هذه الدور وتألفت الجمعيات للإكثار منها. وعقد مؤتمر لها في فيلادلفيا سنة ١٨٧٦ قرر أن تنشر دور المطالعة في عرض البلاد وطولها لتهذيب الشبان والعمال وكانوا لا يسمحون بدخولها إلا لمن ناهز الثامنة عشرة من عمره ثم خفضوا ذلك إلى الثانية عشرة فالعاشرة فالثماني وقيموا تلك الدور مكلفون بإرشاد الأطفال إلى مطالعة الكتب الأغزر فائدة لهم وقد يجيئهم الطفل طالبا كتاب قصص عن ذوي الجلود الحمراء فلا يزالون به حتى يطلب كتابا أوفر نفعا وأجزل عائدة ولم تكتف الجمعيات بذلك بل أنشأت مستودعات للكتب في الحارات المختلفة قائلة يجب علينا أن نسير إلى الفتيان والفتيات ولا ننتظر مجيئهم إلينا. وأرادت المدرسين على تسهيل المطالعة للطلاب بإعارتهم الكتب التي يرغبون فيها أو بإنشاء مكاتب صغيرة للمطالعة في مدارسهم. وما أزدهرت هذه المكاتب إلا بفضل المتبرعين لها من أنصار العلم والإنسانية والباذلين في سبيلها مبالغ