للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحلبيون ففتحوا أبواب مدينتهم للفاتح بزعامة خيري بك والي حلب من الجراكسة كما تلقاه أهل دمشق كذلك لأن الناس كانوا سئموا في مصر والشام من الجراكسة وعلقوا الآمال الطويلة بدولة ابن عثمان الفنية القوية وقد استولى السلطان سليم على مليوني ذهب ومهمات كثيرة كان أذخرها الغوري في خزانة حلب ليقوى بها على محاربة العثمانيين والاستيلاء على القسطنطينية منهم فجعل الله بهلاك الغوري وانفض الناس حوله وأبقى السلطان العثماني البلاد على حالتها الأولى من حيث الإدارة في حلب وخطب فيها له لأول مرة تلقبا بخادم الحرمين الشريفين.

والظاهر مما في أيدينا من تواريخ حلب أنها لم ترتق ارتقاء محمودا على العهد العثمانيين بعد إن كانت في عهد العباسيين تضاهي بعظمتها بغداد والموصل على قول شيخ الربوة وكان جيش الانكشارية (بكي جرى) وغيره من اكبر أدوات التخريب ينسفون العمران ولا نسف المصائب السماوية ولم ينتظم لها أمر بحكومة الاقطاعات والنهب إلا عندما جرى تأليف الولايات على النسق المتعارف اليوم في السلطنة سنة ١٢٨٣ هـ -.

فدخلت الحكومة في طور قليل من النظام وأصبحت الحال تحسن بإحسان الولاة الذين يتولونها فإذا كانوا أعفة قادرين على الإدارة يزيد عمران حلب وإلا فيقف أو يتقهقر وممن ساعد على عمرانها الحديث وتنظيمها وفتح الشوارع الجديدة فيها على الأصول المدنية جميل باشا ورائف باشا.

ويكتفي في تقدير غنى حلب في القرون الوسطى والقرون الحديثة إيراد دخلها من الجباية والعشور وغيرها والمقابلة بينها. هذا مع غلاء النقود إذ ذاك ورخصها في الأيام الأخيرة فقد كان ارتفاع حلب سنة تسع وستمائة في الأيام الظاهرية دون البلاد الخارجة عنها والضياع والأعمال ستة ألاف ألف وتسعمائة ألف وأربعا وثمانين ألفا وخمسمائة درهم وذكر ابن شداد تفصيل هذه الارتفاعات من الزكوات والعشمر وضرائب البقول والفواكه والخيل والجمال والبقر والغنم والرقيق والصناعات والغلات والحطب والفحم والخشب والحديد والقنب وغير ذلك من الحكورة والمواريث وغيرها فكانت في بعض النسخ ٧. ٣٠٥. ٠٠٠ درهم.

وقال يايقوت ومسافة ما بيد مالكها في أيام الملك العزيز من المشرق إلى المغرب مسيرة