للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علم بلد الروم ومعرفة بمخائضهم وكانت الكنيسة حصناً فيه منبر وهو ثغر في معزل من ساحل البحر يقارب حصن المثقب الذي استحدثه عمر بن عبد العزيز وعمره وكان فيه منبر ومصحفه بخطة وكان فيه قوم سواة من عبد شمس اعتزلوا الدنيا ورفضوا المكاسب وكان لهم ما يقيم بهم من المباح.

وكانت عين زربة بلداً يشبه مند الغور بها نخيل وخصب واسعة الثمار والزره والمرعى وهي المدينة التي كان فيها وصيف الخادم همَّ بالدخول منها إلى بلد الروم فأدركه المعتضد بها وكانت حسنة الداخل والخارج نزهة داخل سورها جليلة في جميع أمورها وكانت المصيصة مدنيتين أحداهما تسمى المصيصة والأخرى تسمى كفربيا على جانبي جيحان وبينهما قنطرة حجارة وكانتا حصينتين جداً على شرف من الأرض ينظر منها الجالس في مسجد جامعها نحو البحر أربعة فراسخ كالبقعة بين يديه خضرة نضرة جليلة الأهل نفيسة القدر كثيرة الأسواق حسنة الأحوال وجيحان نهر يخرج من بلد الروم وكان كثير الضياع وغزير الكراع.

وكانت أذنة مدينة كأحد جانبي المصيصة على نهر سيحان في غربي لنهر وسيحان دون جيحان في الكبر عليه قنطر عجيبة البناء طويلة جداً ويخرج هذا النهر من بلد الروم أيضاً وكانت جليلة الأهل حسنة المحل في كل أصل وفصل وعلى أصل طريق طرسوس.

فأما مديمة طرسوس فالمدينة المشهورة المستغنى بشهرتها عن تحديدها كبيرة عليها سوران من حجارة كانت تشمل على خيل ورجال وعدة وعتاد وكراع بينها وبين حد الروم جبل متشعبة من اللكام كالحاجز بين العملين.

ورأيت غير عاقل مميز وسيد حصيف مبرز يشار إليه بالدراية والفهم واليقظة والعلم يذكر بها مائة ألف فارس وكان ذلك عن قريب عهد من الأيام التي أدركتها وشاهدتها وكان السبب في ذلك أنه ليس من مدينة عظيمة من حد سجستان وكرمان وفارس وخوزستان والجبال وطبرستان والجزيرة والعراق والحجاز واليمن والشامات ومصر والمغرب إلا وبها دار ينزلها غزاة تلك البلدة ويربطون بها إذا وردوها وتكثر لديهم الصلات وترد عليهم الأموال والصدقات العظيمة الجسيمة إلى ما كان السلاطين يتكلفونه وأرباب النعم يعانونه وينفذون متطوعين متبرعين ولم يكن في ناحية ذكرتها رئيس ولا نفيس إلا وله عليها وقف