الجمال والبغال والمركبات والحوافل وسيزيد عمرانها يوم يمتد منها خط حديدة ضيقة إلى تدمر ويجيئها الساح بالألوف وتحمل أشعة المدينة والأمن إلى تلك الربوع في الداخلية وتعيد إلى تدمر وأرباضها عهد زنوبيا.
يوم في بحيرة قدس
من يزور حاضرة من الحواضر ولا يشهد ريفها وقراها تظل عنها قليلة ويظل مقلداً فيما يكتبه وما كان كالمقلد سواء في شؤون الدين والدنيا. دعاني صديقي وصفي أفندي الأتاسي إلى قريته قره وشر فركبت وإياه عربة حتى وصلنا في ساعة وهي في جوار بحيرة قدس فجمعنا بين ثلاثة أمور الرياضة في الخلاء والإطلاع على نموذج من قرى حمص وزيادة تلك البحيرة التي كان لها ذكر في تاريخ سورية القديم كما نسمع اليوم باسم خزان أسوان في مصر للتشابه بينهما فخزان حمص يسقي تلعات وادي العاصي وخزان أسوان يسقي تلعات وادي النيل.
وطول هذه البحيرة الصناعية ساعتان وعرضها ساعة وقد نسبت لقدس عاصمة الهيتين أوقد شو عاصمة الحثيين الثانية يجتازها العاصي وهي وهي مسدودة من مسافة كيلومترين وهناك برج قديم على الشاطئ الشرقي وعدة قرى.
وقد وصف جغرافيو العرب هذه البحيرة فقال شيخ الربوة أن بحيرة حمص وهي بقعة محفوفة ببناء جص محكم وفيها أسماك كثيرة كبار ثم يخرج منها الماء عكراً مثل ماء النيل ولا يصفوا بعد ذلك إلى أن يدخل أرض الروج ويصل إلى السويدية ويصب في البحر الرومي. وذكر ياقوت أن طولها أثنا عشر ميلاً في عرض أربعة أميال بين حمص وجبل لبنان تصب إليها مياه تلك الجبال ثم تخرج منها فتصير نهراً عظيماً.
وقلا أبو الفدا أن طولها من الشمال إلى الجنوب نحو ثلث مرحلة وسعتها طول السد وهي مصنوعة على نهر الأرنط فإنه قد صنع في طرف البحيرة الشمالي سد بالحجر من عمارة الأوائل وينسب إلى الإسكندر وعلى وسط السد المذكور برجان (الآن برج واحد) من الحجر الأسود وطول السد شرقاً وغرباً ألف ومائتان وسبعة وثمانون ذراعاً وعرضه ثمانية عشر ذراعاً ونصف ذراع وهو حابس لذلك الماء العظيم بحيث لو خرب السد سال الماء وعمت البحيرة وصارت نهراً وهي في أرض مستوية عن حمص بعض يوم في غربيها