التجار وأرباب الصناعات ١٢. ١ في الألف ومن الصناعات ما يهلك به أربابها كثيراً كالصناعات التي ينبعث عنها غبار متواصل أو روائح تتقزز منها النفوس وإن الدوام المتواصل على تطهير الأماكن والمدن قد أدخل الصحة إلى حيث كانت مفقودة إلا قليلاً فنشأ من ذلك أن الأرقام التي يوردونها بالقياس إلى زمن تتغير كثيراً في كل إحصاء يقع في الخمسين سنة.
وهكذا نرى أن معدل الموت في خمس وعشرين سنة نزل في برلين من ٣٣في الألف إلى ١٦وفي مونيخ من ٤١إلى ١٨ وفي واشنطون من ٢٨إلى ١٩ وفي نيويورك من ٢٥. ٤ إلى ١٨. ٦ وفي الهافان حيث لا يجري إحصاء إلى في كل قرن كان معدل الموت ٤٥ في الألف فأخذ يختلف بين ٢٠. ٥و٣٢. ٦ وبديهي أن العوارض والحوادث التي تصيب الحياة فينشأ عنها هلاك كثيرين كالحروب والمصائب والغرق وغير ذلك قد يكثر معدل الموت ولكن ذلك لا يضر في هذه الإحصاءات لأن الربح أكثر من الخسارة.
والربح نشأ بالعلم لأن الأولاد كانوا في الماضي يموتون كثيراً فبفضل الوسائط الصحية الحديثة صاروا يرجون البقاء أكثر من أجدادهم ولطالما كان الخناق والحميراء والتواء الأعصاب والسعال وغير ذلك من أمراض الطفولية تهلك الأولاد فلما اخترع المصل. والتطعيم وطرق التداوي المختلفة وارتقت الجراحة وكثر استعمال الكوكايين والديجيتالين ومضادات السميات ومضادات الفساد والمورفين خلصت نفوس كثيرة من لموت.
وكان السل في الدهر الغابر يعتبر من الأمراض العضالة فأصبح وإن كان يهلك به كثيرون إلى اليوم من الأمراض التي يتأتى التفي في ها ومنا برح يعصي على العلم ويقضي على أكثر السحايا وإذا ضوعفت العناية بالصحة يرجى أن يقل عدد الهالكين بالسل ٧٥ في المئة لا سيما في مسائل العدوى منه والنجاة منها وهكذا الحال في ذات الرئة التي تكثر بكثرة تناول المشروبات فيهلك له ١١ في المئة من الناس وإذا ترك أسبابه ينزل معدل الهالكين به كثيراً والحمى التيفوئيدية قد قل الهالكون بها منذ عشر سنين ومتى عرف الناس كيف يتحامون الماء الملوث ويبتعدون عن لسع الذباب لبشراتهم لا يبقى له أثر في الوجود. وسيكون كذلك نصيب الحمى القرمزية التي كادت تكشف جراثيمها ومثل ذلك الجدري متى وقع تطعيم الناس كلهم وقد كان الناس في القرن الثامن عشر يموتون به قبيل جنر (طبيب