نحمدهُ تعالى عَلَى أن يسر لنا الوفاء بما وعدنا به يوم إنشاء هذه المجلة من إرادة التحسين في موضوعاتها وتكثير موادها وتكبير حجمها وتجميل مظهرها بحسب سنة النمو الطبيعي. وها نحن أولاء نبدأ الآن بنشر السنة السابعة بزيادة عدد صفحات مجلد السنة بحيث يقع المجلد في ٩٦٠ صفحة وكان كل مجلد في السنين الأربع الأخيرة يصدر في ٨٠٠ وفي السنتين الأوليين في ٦٧٢ وتوسيع الحجم يقتضي ولا جرم التوسع في الأبحاث وإشباعها نظراً وتدقيقاً.
لم نتفرغ كل التفرغ في السنين الماضية إلى الانقطاع لما نحب المبالغة في البحث فيه لتجويد تأليف هذه الصحيفة لأن العمل في الصحف السياسية أضاع علينا جانباً من أوقاتنا بحكم الضرورة بيد أننا لم نغفل يوماً ونحن وسط ذاك العراك الشديد عن اقتباس كل ما نعتقد فيه الغناء لفائدة القراء الأعزاء.
أضف إلى هذا أن السنين الثلاث الماضية من سني الدستور العثماني كانت ومازالت أيام اضطراب وفتن وبلاءٍ ومحن وفي مثل هذه الحال يصعب عَلَى من يعمل بعقله أن يصرف قواه كلها إلى تعزيز كلمة العلوم والآداب وهي لا تنمو إلا في ظل الأمن والراحة والقائمون بخدمتها أحوج الناس إلى السكون والانقطاع للتدبر والتفكر ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.
فرجاؤنا أن يكون جو الأعوام المقبلة أكثر صفاءً لنحسن الاضطلاع بأعباء هذه الخدمة الشريفة ونبلي البلاء الحسن في نشر النافع في النهضة الفكرية في الديار العربية إذ كل سعي ضائع بدون لأن يسبقه نهوض علمي واقتصادي وأدبي والله ولي التوفيق.