العظيم وانصرفت وجهة نظر المعلمين إلى الاستخدام في مصر والسودان وأميركا فهاجر إليها خيار أبنائنا كانت الكلية معهم أشبه بمحطة توضع فيها البضائع أياماً تنقل إلى قطر آخر فليس لبيروت بل لسورية من هذه الكلية إلا أنها موطن لتعليم أولادنا عَلَى الطريقة التي تريدها تلك الكلية ثم الرحلة بهم إلى حيث تروج بضائعهم رحلة أبدية ووقتية.
فإذا كان لهذه الكلية التي ما دخلناها مرة إلا ورأينا فيها مثال العظمة الأميركية وقوة المتحمسين الأميركان لبث دعوتهم الدينية ثم المدنية - هذا الامتياز وتلك القوة العلمية والمادية أليست حرية بأن تنفع البلاد التي أُسست فيها وعاهدت النفس عَلَى خدمتها أكثر مما نفعتها: وذلك بعنايتها بتدريس اللغة العربية تدريساً يحمد أثره ويطيب خبره ومخبره. وهذا لا يكون إلا بانتقاء خيرة الأساتذة لتدريسها كما يختار للإنكليزية عَلَى الأقل ونشر الأسفار في العلوم الحديثة والقديمة وإلقاء المحاضرات والخطب عَلَى الدوام بالعربية كما تلقى بالإنكليزية.
ربما شق هذا القول عَلَى غير المنصفين من تلامذة الكلية وأساتذتها ولاسيما من رأَوا نيل شهادة البكلوريا منها هي غاية علم الأولين والآخرين وأن شهادة الطب أو الصيدلة أو التجارة منها هي جماع المعرفة والنجاح العالمي وأن من لم يسعده الحظ بالدخول إلى أبواب الكلية والجلوس عَلَى دكات صفوفها يستحيل عليه أن يتعلم تعليماً نافعاً إلى غير ذلك من الدعاوي التي طالما تجلت في أقوال كثرة من المتخرجين في الكلية وأفعالهم أو في نفوس من وقفوا أنفسهم عَلَى خدمة الكلية بما تريد ليعدوا في جملة معلميها وإن كانت عمدة الكلية لا تحسب أبناء العرب بل أرقاهم كعباً بمثابة أصغر معلم أميركي فيها مهما صانعوا أو تلطفوا مع الأميركان.
ومن الغريب أن بعضهم كان يشكو من سلب إرادة المرؤوسين من الرهبان الباباويين وفناء إراداتهم في إرادة رؤسائهم فلما رأينا أساتذة العربية في الكلية الأميركية ثبت لنا أن مرسلي البرتستانت ليسوا أقل سطوة عَلَى نفوس مرؤوسيهم من أولئك الرهابين وما نظن أن معلمي العربية متى أيقنوا أن المدرسة محتاجة إليهم أكثر من احتياجهم إليها تعاكسهم في إصلاح طريق تعليم العربية وإحكام ملكتها بالصحف والكتب والخطب والدروس.
ومن الأسف أن تكون الكتب المخطوطة والمطبوعات العربية في مكتبة الكلية أقل من