وقسم النجارة وله وكيلان وقسم الحفر وله وكيل وقسم البرداخ وله وكيل وفي هذا القسم نحو أربعين ابنة تعمل فيه وللمحل رسام خاص وكلهم من أبناء العرب ليس بينهم إفرنجي حتى الأدوات قد جعلت في مواضعها بمعرفة صاحب المعمل دون الاستعانة بأحد من غير أبناء وطنه.
تختلف أجرة العامل في اليوم من ستين بارة إلى ستين قرشاً ويحاسب عن أجرته كل يوم سبت من كل أسبوعين في الشتاء ويحاسب في الصيف كل سبت قبل الظهر ليتيسر له الخروج إن أحب إلى الجبل يصرف ليل الأحد وليل الاثنين فيه للنزهة ويقضي عَلَى كل عامل أن يعمل ستة أشهر تحت التجربة. أولاً ثم تحسم من مياومته أجرة أسبوعين تجعل في صندوق المحل حتى لا تحدثه نفسه بالخروج من المعمل كل يوم أو كل أسبوع كما يفعل بعض العملة في المعامل ويتركون أصاحبها معطلين.
ومن جملة ما شهدته من النظام داخل المعمل قاعة كبرى وموائد يتناول عليها العملة طعام الظهر وآلة تضغط النشارة عندما توضع فيها وهي من اختراع أحد العمال هنا وتلقي بها إلى مكان بعيد خارج بناية العمل ومن هناك يبتاعها أرباب القمامين ومما رايته خارج المعمل من النظام رصف الطريق الموصلة إليه عَلَى نفقة صاحب المعمل وغرس بعض الأشجار عَلَى جانبيها ويبلغ طولها نحو كيلومترين.
هذا ما رأيته في معامل السيوفي من النظام الذي لا أبالغ بأني قلما رأيته في معمل يرأسه شرقي ولذلك بصفق لصاحبه لأنه بدأ به صغيراً سنة ١٨٨٨ في مدينة بيروت وكبره سنة ١٩٠٨ في حي الأشرفية عَلَى الصورة التي رأيناها اليوم ونفقة عمارته وأرضه وأدواته تساوي خمسة وعشرين ألف ليرة ولكن لا يتيسر لمن معه مئة ألف ليرة أن يقيم مثله بأدواته ونظامه إذا لم تسبق له معرفة كمعرفة السيوفي ولم يقض سنين مثله في النجارة ويحيط بما جل وقل من أساليب العمل وتجويده فليت كل أعمالنا تجري عَلَى هذا المثال من النظام البليغ والنجاح الأكيد.