ولو كلن الغرب يكيل لأبنائه بمثل الكيل الذي يكيل به لأبنائنا في الشرق لقلت الفروق ومشى البشر خطوات مهمة نحو الإخاء العام والسلام الشامل هكذا شان مرسليهم في مدارسهم في الشرق وهكذا شان حكوماتهم في البلاد التي امتلكوها في آسيا وافريقية وجزر المحيطين. وإنا لنلوم الكلية الأميركية في بيروت كلما توفر العناية بأبناء البلاد فقد عزلتهم في مكان خاص ووضعت لهم أساتذة خصوصيين يعلمونهم غير التعالم التي يعلمونها أبناء البلاد كان العلم كالطعام في بيت شحيح يطعم من أنواعه ما طاب له ويمنع عن خدمته وإجراءه الأطايب ويقتصر فيه عَلَى الرخيص نفعهم أو لم ينفعهم وهكذا رأينا إنكلترا التي تحكم الهند منذ نحو قرنين وحياتها متوقفة عَلَى غنى تلك البلاد وتعليم أبنائها لا تفكر في تعليمهم وترقيتهم كما تفكر في ترقية اقل إنكليزي ولو كان خلاسياً أي دمه من هنود وبريطانيين فقد قدروا أن في بلاد الهند ٣٠٠ ألف من عرق إنكليزي أو أوربي ليس بينهم سوى عشرة في المئة خرجوا من درجة الأمية فهل من اللائق أن يتركوا بدون تعليم كما يترك الوطنيون أم كيف السبيل؟ وإبذ قد لاحظوا أن الكاثوليك وهؤلاء الأوربيين يعلمهم مرسلوهم ولكن البرتستانت محرومون ممن يسهر عَلَى تربية أبنائهم فرأت الكنائس البرتستانتية أن تجمع ربع مليون جنيه لإقامة مدارس خاصة بأبناء البرتستانت من الإنكليز الهنود وتعيين أساتذة أكفاء بحيث يكون أبناؤهم مثال التربية الإنكليزية ويصبحون مادة قوة مهمة لإنكلترا في بلاد هي خمس العالم بسكانها.
العقوبة الجسمية
من أغرب الأمم في عاداتها وأخلاقها الأمة الإنكليزية فهي عَلَى ما بلغته من درجات الحضارة لا تفتأُ أن تحافظ عَلَى عاداتها الضارة في القرون الوسطى وتسعى إلى تعديلها وإصلاحها مع الزمن من ذلك أن لعقوبات الجسدية في مدارس لندِرا لا تزال مستعملة حتى اليوم فحذفت هذه العادة المضرة من مدارس أوربا ولكن مدارس لندرا حسنتها حتى أن لبعض المدارس الراقية هناك أسواطاً ميكانيكية تضرب المذنب بشدة أو بغير شدة بحسب الذنب الذي اجترحه. ويضيفون إلى هذا السوط الضارب آلة فوتوغراف تردد بعض آيات من التوراة وبعض النصائح الأدبية بصوت عال وذلك ليعلموا المضروب ويخفوا صراخه