وملوك تهامة اليمن المعروفون بملوك الجبال كثيرة واجلهم ولد أسعد بن أبي يعفر وهو عَلَى الحجبة هو ملك صنعاء يخطب لأبي الجيش ويضرب دراهمه عَلَى اسمه وليس ينفذ إليه ميرة ولا هدية وجميع وجوه أمواله أربعمائة ألف دينار فتصرف في مروته وإلى أضيافه وقاصديه وهو من سلالة التبابعة ومن بالجبال من ملوكها فجبايته دون هذه العدة من المال ومرافقه بقدر كفايته.
وأما الحسنيُّ صاحب صعدة فله جباية كثيرة ومستغلات من المدابغ وضرائب من القوافل كثيرة تضاهي ارتفاع ابن طرف وربما زادت ونقصت وصاحب السرين فما يصل إليه قوم به وبأهله ولسيت بحال تذكر وله عَلَى المراكب الصاعدة والنازلة من اليمن رسم يأخذه من الرقيق والمتاع الوارد مع التجار.
إليك ملوك اليمن في القرن الرابع وما كانوا يتقاضونه من وجوه الارتفاعات مما تستدل منه عَلَى ثروة اليمن الغريب واتساع أقاليمها ومخاليفا وكثرة قراها ومزارعها وقد وصف ابن حوقل أيضاً المسافات بين بلادها فقال: وأما تهامة فإنها قطعة من اليمن جبال مشتبكة أولها مشرف عَلَى بحر القلزم (الأحمر) مما يلي غربيها وشرقيها بناحية صعدة وجرش ونجران وشماليها حدود مكة وجنوبها من صنعاء عَلَى نحو عشر مراحل وبلاد خولان تشتمل عَلَى قرى ومزارع ومياه معمورة بأهلها وهي مفترشة وبها أصناف من قبائل اليمن ونجران وجرش مدينتان متقاربان في الكبر بهما نخيل ويشتملان عَلَى أحياء من اليمن كثيرة وصعدة أكبر وأعمر منهما ويتخذ بها ما كان يتخذ بها ما كان يتخذ بصنعاء من الأدم ويتخذ بنجران وجرش والطائف أدم كثير وأكثره من صعدة وبها كان يجتمع التجار وليس باليمن جميعاً بلداً أكبر ولا أكثر مرافق وأهلاً من صنعاء وهو بلد في خط الاستواء وهو من اعتدال الهواء بحيث لا يتحول الإنسان عن مكان واحد شتاءً ولا صيفاً وتتقارب ساعات الصيف والشتاء والجذام به ظاهر لقلة سطوة الشمس به وفيه كانت تسكن ملوك اليمن فيما تقدم وبها بناءٌ عظيم قد خرب فهو تل كبير يُعرف بغمدان وكان قصراً لملوك اليمن وليس باليمن بناءٌ أرفع منه.
والمذيخرة جبلٌ أعلاه نحو عشرين فرسخاً فيها مزارع ومياه وفيه ينبت الورث وهو نبات