للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يكون بين الدولتين معاهدة أو تعامل.

أما لو التجأ أحد قرصان البحر إلى بلاد سويسرا وكان هذا فرنسوياً (من قبيل الافتراض) فهل يحق لسويسرا أن تمتنع عن تسليمه بحجة أن لا صراحة في قوانينها لهذه المسألة؟ كلا:

لأن عدم الصراحة في قانون سويسرا لم ينجم عن افتراضها القرصانية أمراً مشروعاً بل من عدم وجود سبب لدرج أمثال هذا القيد بقوانينها وذلك لفقدان السواحل عندها هذه هي القاعدة العملية بخصوص إعادة المجرم فلنبحث الآن عن مستثنياتها.

إن لهذه القاعدة استثنائين أحدهما يتعلق بالجرم والآخر بالمجرم فالذي يتعلق بالشخص هو كون الملتجئ من تبعة الدولة الملتجئ إليها. فلو أن ألمانياً مثلاً ارتكب جرماً في فرنسا ففر منها وأتى ألمانيا فلها الحق بأن تنتع عن تسليمه. وهذه قاعدة كلية سارية بين جميع الدول. إذ كيف يقبل قوم بخضوع فرد منهم لقانون قوم آخر؟

وأما الاستثناء الذي يتعلق بالجرم فهو أن يكون الجرم عسكرياً أو سياسياً فأرباب هذه الجرائم أيضاً لا تعاد بتة.

وسبب ذلك أن الدولة لا تقبل الجندي الفار ولو أعيد لها لأنها لا تؤمل منه خيراً بل تعده كالغصن الفاسد فتقطعه من شجرتها وتلقي به عَلَى الأرض خوفاً من أن يفسد مجاوريه. إلا إذا كان ضابطاً في سفينة ونزل إلى البر وامتنع من الرجوع إليها. فيعاد خوفاً من تعطيل السفينة.

وأما سبب عدم إعادة أرباب الجرائم السياسية فهو سر غامض وأمر مهم. لأن التاريخ يدل عَلَى أن أكثر الفارين من هذا القبيل كانوا عَلَى حق وإن سبب اضطهادهم وفرارهم لم يكن إلا من علو أفكارهم التي تعجز حوصلة العامة أو رجال الأمر والنهي عن إدراكها فيعدونه مخطئاً فيضطهدونه ويحكمون عليه حكماً جائراً ويخنقون فكرته. فلا جل الاستفادة من أفكاره في الحال والمستقبل لا تجوز إعادته بل إنهم يجلونه ويكرمونه.

وهناك شرط آخر للاستعادة وهو عدم سقوط الجرم بمرور الزمان القانوني عَلَى حسب قوانين الدولتين.

قد يمكن أن يطلب المجرم من قبل دول متعددة في آن واحد فالواجب حينئذ تسليمه إلى