ففي سنة ١٨٨٢ وضع الأساس لجمعية فلسطين الأرثوذكسية التي أُطلق عليها سنة ١٨٨٩ إمبراطورية ليتسنى لها جمع الإحسان من الشعب الروسي الذي يعتقد أن الإمبراطور لا يهب اسمه إلا لما فيه المنفعة للوطن. وباشرت الجمعية بإنشاء المدارس وصادفت صعوبات شتى لم تلق مثلها الجمعيات الأوربية لأن المعاكسات بدت من حيث لم ينتظرها أحد أي من الإكليروس اليوناني الذي يكره الروسيين فسهلت لهم سبل الوصول إلى الأراضي المقدسة وأقامت لهم الأبنية في القدس الشريف وغيرها وأنشأت عدة مستوصفات لهم ولتلاميذ مدارسها كل ذلك والخزينة الروسية لم تنفق بارة واحدة بل كان الشعب الروسي الساذج مصدر هذه النفقات الوحيد.
وفي سنة ١٨٩٢ فحصت كل أعمال الجمعية وما أنتجته خلال العشر سنوات التي مضت عَلَى تأسيسها فثبت أنها نجحت وأفادت الزوار كثيراً وآوت بعض اولاد الأرثوذكسيين وأمدتهم بالمساعدات الطبية وحق لها أن تكسب ثقة الحكومة الروسية ولما كان عدد الزوار يزداد من سنة إلى سنة والمدارس لم تسد كل الحاجة والإحسانات لا تقوم بكل ما تطلبه التحسينات الحيوية من النفقات طلبت الجمعية من الحكومة إعانة قدرها ٦٠٠٠٠٠ روبل أي ٨٠٠٠٠ ليرة وأيد طلبها رئيسها الغرندوق سرجيون وقد للحكومة ضمانة لهذا الدين كل ما تملكه الجمعية من عقار وغيره ما تبلغ قيمته مليوني روبل. فرفض وزير المالية (فيت) طلبه لتضعضع المالية في ذلك الحين. ولم يبق للجمعية إلا أن تتابع عملها متكيفة بالإحسان من الشعب الروسي ولكنها عادت سنة ١٨٩٥ فطلبت من الحكومة أن تقرضها أربعة آلاف ليرة لتنفقها عَلَى المدارس السورية التي أنشأتها بطلب من البطريرك الأنطاكي سبيريدون ففتحت لها الحكومة اعتماداً بالقيمة المذكورة وأدخلته في ميزانية المجمع المقدس عَلَى أن تنفقه عَلَى السفارة الروحية في القدس.
ولما لم يكن في الإمكان متابعة العمل حسبما تقتضيه الأحوال بدون مساعدة كبيرة طلبت من الحكومة ثمانين ألف ليرة تقبضها دفعة واحدة لتحسن أمورها وتستوفي من الاعتماد المذكور أعلاه في مدة عشرين سنة. فقبلت الحكومة بذلك وتكون الجمعية لم يحصل عَلَى مطلوبها إلا بعد سعي عشر سنوات وبشرط إيفاء المبلغ أقساطاً سنوية.